• م ق ج (مقالات قصيرة جدا)

    كما أن هناك ما يسمى (قصص قصيرة جدًا) ويرمز لها بـ(ق ق ج) كان من الأجدر أن يكون لدينا (م ق ج)؛ وهو ما يمكن أن يرمز إلى المقالات القصيرة جدًا. وما يدعو إلى ضرورة استحداث ذلك (أو تطويره) هو تزايد النمط السريع للحياة ورغبة الناس في الحصول على المعلومة بأقصر وقت ممكن وذلك عبر جمل قصيرة أو مقالات قصيرة كحد أعلى. طبعا هناك من قد يعارض ذلك في الوقت الحالي؛ كونه يعد درجةً من درجات الخضوع لرغبة الشارع في الحصول على (الفاست ريد) أو هو في الحقيقة (فري فاست ريد) أي قراءة سريعة جدًا. حيث يقول أنصار هذا الرأي إنه بدلًا من أن ندعو الناس للتوجه نحو القراءة المعمقة والإقبال على أمهات الكتب وهو النهج الذي استطاع أن يبني أجيالًا من المفكرين والمثقفين العرب على مدى قرون طويلة، بدلًا من ذلك ندعوهم إلى هذا النوع من القراءة الذي يزيد من حالة السطحية لدى القارئ العربي. وهو رأي يمكن أن يكون وجيهًا وسديدًا فقط في حال كان هو الخيار الأوحد للقارئ العربي، لكننا هنا لا ندعو إلى إغلاق الباب أمام قراءة أمهات الكتب أو الكتب المهمة؛ التي تؤسس لعقلية القارئ وتقوم ببناء الأرضية الصلبة له، لكننا ندعو إلى إيجاد خيار إضافي أمام شريحة من القراء الذين لا يستسيغون قراءة المطولات من الكتب والأبحاث والدراسات، ولطالما هجروا الكتب والقراءة تمامًا بسبب عدم قدرتهم على الصبر على الكتب الطويلة. وهنا في هذه الحالة نكون أمام خيارين؛ الأول أن نتركهم وحالهم بعيدين عن القراءة وعالمها بقضها وقضيضها، أو أن نقدم لهم خيارًا آخر وهو المقالات القصيرة جدًا؛ التي يمكن أن تكون وجبة سريعة جدًا لهم تنقذهم من الموت السريري (المعرفي)، وإن لم تنجح في إعادتهم إلى حالة التعافي التام معرفيًا. المشكلة هي أننا (وفي عصر السرعة الفائقة) وبإصرارنا على القراءة المطولة والمعمقة فقدنا شريحة واسعة من القراء، ونريد أن نصر أننا لا نريد استعادتهم إلى بر عالم القراءة وإن كانت سطحية أو كوجبات سريعة جدًا على وزن الوجبات الغذائية السريعة. فنكون حينها كمن يرفض إعطاء مريض مشرف على الموت مغذيًا في الوريد والإصرار على أن يكون إطعامه عن طريق الفم أو لا يكون أبدًا! وحتى يكون الأمر واضحًا، فإنني أقصد في مقترحي هذا (م ق ج) فقط الشريحة المقاطعة كليًا للقراءة، التي لم تكن تريد القراءة المعمقة ولا تريدها، وربما لن تريدها في المستقبل، هي شريحة مشرفة على الهلاك المعرفي، فهل نتركها تهلك أم نطعمها (م ق ج)؟ أنا من جانبي سوف أستمر في القراءة المعمقة وسوف أشجع عليها، لكنني سوف أكتب أحيانًا (م ق ج) لهذه الشريحة العازفة كليًا عن القراءة من أجل إنقاذها من الموت السريري المعرفي، وربما جرها مستقبلًا نحو قراءة أفضل، مع إعادة التأكيد على الاستمرار في أنواع ومجالات وحقول الكتابة الأخرى.

    الكاتب: يوسف أحمد الحسن

    0المفضلة

    4 المشاهدات

    0 تعليقات

    المفضلة إبلاغ

    #القراءة #لياقة_القراءة 

التعليقات (0)

المزيد من يوسف أحمد الحسن

عرض جميع الأعمال

مواضيع ذات صلة

  • م ق ج (مقالات قصيرة جدا)

    المزيد من يوسف أحمد الحسن

    عرض جميع الأعمال

    مواضيع ذات صلة