• من كتاب الوساطة بين المتنبي وخصومه

    ومتى سمعتني أختار للمحدث هذا الاختيار وأبعثه على التطبع وأُحسن له التسهيل ، فلا تظنن أني أريد بالسمح السهل الضعيف الركيك ، ولا باللطيف الرشيق الحنث المؤنث ، بل أريد النمط الأوسط : ما ارتفع على الساقط السوقي وانحط عن البدوي الوحشي ، وما جاوز سفسفة نصر ونظرائه ولم يبلغ تعرجف هميان بن قحافة وأضرابه . نعم ، ولا آمرك بإجراء أنواع الشعر كله مجرى واحداً ، ولا أن تذهب بجميعه مذهب بعضه . بل أرى لك تقسيم الألفاظ على رتب المعاني ، فلا يكون غزلك كافتخارك ، ولا مديحك كوعيدك ، ولا هجاؤك كاستبطائك ، ولاهزلك بمنزلة جدك ، ولا تعريضك بمثل تصريحك ، بل ترتب كلاً مرتبتالمطبوعون في الشعر والنقد الصحيح ( الوساطة ) وإذا أردت أن تعرف موقع اللفظ الرشيق من القلب ، وعظم غنائه في تحسين الشعر ، فتصفح شعر جميل وذي الرمة في القدماء ثم الحتري في المتأخرين ، وتتبع نسيب متيمي العرب ومتغزلي أهل الحجاز كعمر وكثير وجميل ونُصيب وأضرابهم وقسهم بمن هو أجود مهم شعراً وأفصح لفظاً وسبكالقول في المتنبي ( الوساطة ) إن خصم هذا الرجل فريقان : أحدهما يعم بالنقص كل محدث ، ولا يرى الشعر إلا القديم الجاهلي وما سلك به ذلك المنهج وأجري على تلك الطريقة .... فإذا نزلت به إلى أبي تمام وأضرابه نفض يده وأقسم وأجتهد أن القوم لم يقرضوا بيتاً ولم يقعوا من الشعر إلى بالبعد . وأنا أر

    الكاتب: أبو الحسن الجرجاني

    0المفضلة

    50 المشاهدات

    0 تعليقات

    المفضلة إبلاغ
التعليقات معطلة من قبل المؤلف أو الإدارة

التعليقات (0)

المزيد من أبو الحسن الجرجاني

عرض جميع الأعمال

مواضيع ذات صلة

  • من كتاب الوساطة بين المتنبي وخصومه