قراءة لقصة فيلم (البيه البواب)
Sep 23, 2021 10:52 AM Sep 23, 2021 10:52 AM
فيلم البيه البواب، فيلم مصري صدر في 31 أغسطس 1987م. مدة عرضه حوالي 140 دقيقة. كتب قصته يوسف جوهر، واخرجه حسن إبراهيم، واسندت بطولته الى الفنان احمد زكي، في دور عبد السميع البواب. يعتبر من وجهة نظري، واحد من اهم افلام السينما المصرية، حيث كشف عن مرحلة تغيرت فيها البنية الاجتماعية، وقلة محدودة فقط اكتشفت اولى بوادر التغير واستغلته، ليس في مصر وحدها، بل في كثير من الدول العربية والعالمية. مؤلف وكاتب سيناريو الفيلم الاستاذ يوسف جوهر، مثل للمرحلة ب (فتى صعيدي يدعى عبد السميع، فر هاربا من الفقر مصطحبا اسرته ليستقر في القاهرة، وقد تهيأ نفسيا للعمل بإحدى الوظائف البسيطة في نظر المجتمع المخملي حينذاك (حارس او بواب او فراش او بائع متجول)، والتحق بوظيفة (بواب لإحدى العمائر التي تقطنها الطبقة الوسطى وما فوق). فانفتح له باب رزق لم يكن في حسبانه ولم يكن يتقنه من قبل. المؤلف الاستاذ يوسف جوهر، رغم انه راوي قصصي وكاتب سيناريو لعدد من الافلام، هو كذلك محامي في الاصل، وأرجح انه قد تسنى له الاطلاع عن قرب بحكم مهنته على نماذج شبيهة لشخصية عبد السميع، لذا استطاع ان يرسم صورة جيدة تمثل هذا التحول الاجتماعي في ذلك الوقت، فتعرف عن كثب على خصائصه النفسية وكيفية تكوين ثروته وقدرته على تحقيق النجاح والصعود رغم انه غير مؤهل تأهيلا أكاديميا جيدا او حاصل على تدريب ميداني. مهنة عبد السميع كسمسار عقاري، مهنة نستطيع ان نصفها بالسهل الممتنع، وتعتمد في المقام الاول على مزايا شخصية فطرية ليس لها علاقة بالمحيط البيئي (تعليم او تدريب). والتغيرات التي جرت، تكاد تكون مرسومة لأشخاص محددين هو منهم، ففي مجال العقار والشقق المفروشة مثلا .. لم تكن المعلومات متوفرة لشخصية تشغل منصب مدير عام او لدكتور جامعي، او حتى لمالك العقار نفسه، فمكانته لا تسمح له بمرافقة رواد الشقق المفروشة او التوسط بينهم وبين مستأجري الشقق او ملاكها. بينما يمكن لعبدالسميع البواب ذلك، فموقع وظيفته ومكانته الاجتماعية يمنحانه معلومات وفيرة ونطاق حركي جيد، يسمح له بالتفاهم والتفاوض بين الطرفين "مستأجر الشقة الدائم والمستأجر السائح المؤقت" او البائع والمشتري. النتيجة على سبيل المثال: مالك العمارة سيتأخر ترتيبه مع مرور الوقت. بينما يتقدم عبد السميع الذي يعمل بوابا في نفس العمارة شيئا فشيئا، حتى يتمكن في النهاية من شراء ارض وانشاء مبنى يراعي في تصميمه متطلبات السوق الذي يعلم به أكثر من غيره. كيف حدث ذلك؟! كاتب الرواية سلط الضوء على تحول اجتماعي عالمي نتيجة فشل المذهب الشيوعي، وطغيان المذهب الرأسمالي الذي القى بضلاله على كثير من المجتمعات العالمية والعربية، فلم يكن الامر محليا بحتا او مختصا بجمهورية مصر فقط. نتج عن تلك الفورة ان ازداد الانتاج وعدد الوظائف وارتفعت الاجور فاستفاد ابناء الدول العالمية المنتجة، كذلك ازداد الطلب على الطاقة وارتفعت اسعارها، واستفاد ابناء الدول العربية النفطية، ليصبحوا في فترة وجيزة من الاثرياء. بالنسبة لمصر، اتجه اغلب الاثرياء الجدد اليها اما للسياحة او الدراسة، رافق ذلك نجاح الجهة المسئولة في الترويج للآثار الفرعونية، فاستقطبت ايضا الكثير من الاوربيين والامريكيين واليابانيين، وتبع ذلك ازدياد الطلب على العقار اما بالاستثمار او الاستئجار، وكان الاذكياء مثل عبد السميع في انتظار مثل هذه الفرصة. مرحلة التغير تلك حدث فيها تسارع مالي، لم تكن المجتمعات العربية عموما مستعدة لمواكبته، طغت فيها ضوابط وقواعد جديدة، لم تتضمنها المناهج الاكاديمية الجامعية، وفي المقابل ظهرت طبقة من ممارسي مهن السمسرة والمتاجرة بالعملة والاستيراد والتصدير، تمكنوا من التعامل مع المرحلة الجديدة بامتياز واستفادوا فائدة عظيمة، فاستطاعوا تغيير مراتبهم الاجتماعية الطبقية، وانتقلوا من الطبقة الدنيا ماليا الى العليا .. دون المرور بمرحلة الطبقة الوسطى الاكثر عددا واستقرارا، اي انهم نجحوا في عملية حرق المراحل الاجتماعية دون عقبات تُذكر، ولم يكن يتطلب اتقان تلك الاعمال اي مؤهل أكاديمي، وحتما لا بد للنجاح من مزايا شخصية، قد نوافق او نختلف عليها، لكنها في النهاية مزايا حققت لأصحابها نجاحا ملفتا للنظر. من بعد سنة ٢٠٢٠م .. أرجح اننا على ابواب مرحلة اجتماعية جديدة، لن ينجح فيها الا من لديه رؤية وسعة افق وفهم للمتغيرات الجديدة. عبد الله المغرم (ابوحنش) الدمام -2021م
الكاتب: عبدالله المغرم
0المفضلة
563 المشاهدات
0 تعليقات