لا شهوة الموت في أعراق جزار |
تقوى عليها ولا سيل من النار
|
الموت أزهى سدا من أن يشابكها |
وهي التي مدت الموتى بأعمار
|
وهي التى لمت الأحقاب واعتصرت |
مما انطوى في دجاها فيض أنوار
|
ومست الصخر فاخضلت جوانبه |
بالسيل الغض والريحان والنار
|
هذي اليد السمحة البيضاء كم مسحت |
جرحا وكم أزهت أنفاس جبار
|
وأطلقت في الدجى الأعمى حمامتها |
بيضاء كالمشعل الوهاج في غار
|
كأنما فجرت ماء لظامئة |
أو أطلعت كوكبا يأتمه الساري
|
سل تاجر الموت كيف اصطك من فزع |
لما رآها وكم أودت بتجار
|
وسمرت نعش طاغوت بما شرعت |
كفاه من خنجر يدمى وأظفار
|
أما كفاه الذي امتصت على مهل |
أنيابه من دم الغرثان والعاري
|
وما طفا عن شفاه الطفل من لبن |
أو حلمة المومس الشوهاء من عار
|
فانقض من كهفه الداجي ليبعثها |
شعواء كالبحر ان دوى باعصار
|
حتى اذا امتار من أعمار مددا |
واقتات مما ستحيا عمره الهاري
|
أهوى على ظهر لم يقض يعصره |
عن سلعة تعبر سلعة الدنيا فدولار
|
عيون وراء المدى |
تنام و ترجو الغدا
|
دفوق السنا باسطا |
لأحلى رؤاها يدا
|
ستجبلها ولقعا |
نقيا كذوب الندى
|
يكفر عما جنت |
عصور طواها الردى
|
أيفزعها المجرمون |
بما أشرعوا من مدى
|
كأن سياجا يقام |
ليحجز عنها الغدا
|
و في الحقل بين الظلال |
عذارى حملن السلال
|
لهن الهوى و الغناء |
و للظالمين الغلال
|
فبعد الشقاء المرير |
وغب الليالي الطوال
|
دنا موعد للحصاد |
فغنينه للرجال
|
أيحسدهن الطغاة |
على منه للخيال
|
على ضحكة للربيع |
و أنشودة للتلال
|
و شيخ يرب الحفيد |
بأنباء قطر بعيد
|
تحدى حراب الغزاة |
و غيبها في الجليد
|
فأنبت منها سنابل |
ضوء الصباح الوليد
|
هنالك يبني الحياة |
كما شاء جيل سعيد
|
عمالقة بالفعال |
ورواد كون جديد
|
و آلهة يخلقون |
آلهة من عبيد
|
هنالك يرن السلام |
كأهداب طفل ينام
|
و يضحط ملء الحقول |
و في أغنيات الغرام
|
و ينبض حيث المعامل |
يجرحن قلب الظلام
|
و في المدن الضاحيات |
يندس وسط الزحام
|
و حيث التقت و هي ترنو |
عيون الورى في وئام
|
برغم اللظى و الحديد |
نمت زهرة للسلام
|
و انداح من لجة الليل التي شحبت |
شدق يزيد اتساعا كلما اقتربا
|
كأن مقبرة طال الزمان بها |
وازلزت فهي تبدي جوفها الخربا
|
تعلقت أعظم الموتى به ورنت |
ألحظها الحور فيما يشبه الغضبا
|
كأنما صرت الأسنان من حنق |
شيئا و سخرية منها بمن نكبا
|
كأن كل قتيل رغم سكرته |
بالصمت يسأل أما أثكلت وأبا
|
وزوجة و بنين استقتلوا و أخا |
من كان فيما لقينا من ردى سببا
|
شدق يزيد اتساعا كلما رفعت |
ستر الدجى خفقت من كوكب غربا
|
آلى على الأرض أن يجتث عاليها |
سفلا و يصفع من يأتي بمن ذهبا
|
و لا يريق دما إلا و أضرمه |
نارا و ذرى رمادا منه أو لهبا
|
تسعى به الريح في الآفاق ناسجة |
للشمس من جذوة أو من دم حجبا
|
فالجو مقبرة كبرى معلقة |
تستعرض الشمس في ذراتها الحقبا
|
و الأرض كالأبرص المنبوذ هرأة |
داء و عانى عليه الجوع و التعبا
|
تكدست فوقها الأجساد ناضحة |
قيحا ودوى عويل الناس و اصطخبا
|
من كل رافعة جيدا كأن يدا |
جبارة جاذبيه الطول فانجذبا
|
وانمط مثل عجين الرخو مرضعها |
لصق الثرى و اكفهر الوجه و انقلبا
|
و هي التي بالأمس كانت كما |
رجى خيال للهوى الأول
|
يموج في مرآتها ظلها |
سوسنة بيضاء في جدول
|
و كان نهداها إذا رنحت |
ريح الصبا من ثوبها المخمل
|
يشف تكويراهما عن سنا |
يطفو بطوقيها إلى المجتلى
|
كم عاشق كانت أمانيه أن |
يرتشف النور على جيدها
|
كان يغذيها إذا قطبت |
بالروح و الآمال في عيدها
|
يا زهرة عاشقها لم يذد |
من زعزع هبت لتبديدها
|
لو كان يهواك ارتمي دونها |
سدا و نجاك بتصعيدها
|
ظل لقابييل ألقى عبء ظلمته |
فحما يسود البرايا حوله القلق
|
فحما تصدى له الباغي بمقلته |
يذكيه منها لظى يخبو و يأتلق
|
إذا تضرم فاندك الفضاء جذى |
غضبى و نش الدم الفوار و العرق
|
وانقض من حيث تهوى الشمس غاربة |
ليل من القاصفات السود أو شفق
|
جن الرضيع الذي يحبو وهب على |
رجليه يعدو ويلوي جسمه اعنق
|
من فرط ما طال و استرخى و قد صهرت |
أعراقه الزرق نارا فيه تختنق
|
كأن كفيه مذراتا ثرى و دم |
لا ما يمد ابن عام لفه الغسق
|
و لألأ البدر فاستدناه و انبسطت |
يمناه بالشوق حتى أظلم الأفق
|
و أزلزت لثة الشيخ التي هرئت |
من شدقه الأدرد المغفور تندلق
|
تنساح كاللعنه السوداء يطلقها |
بعد الردى نسله المطموس و الحنق
|
يا ربما سرت الموتى بأن هلكوا |
قذائف كعيون الجن تنطلق
|
شدت عليها يد عجفاء يدفعها |
حقد ويقتات من أعصابها فرق
|
شلت يدا طالما التفت أصابعها |
ثم ارتخت عن وليد بات يختنق
|
و استجهضت كل أنثى و هي تعضبها |
و استدفأت باللظى و المدن تحترق
|
و قوست من ظهور كي يطاولها |
قزح يلج ارتفاعا و هي تنسحق
|
و تطل من أفق يفتحه |
الشروق إلى الحافي
|
أيد تشير إلى الرقاب |
المشرئبة لا تخافي
|
لن يفصد الجلاد عرقا |
من عروقك لارتشاف
|
أيد تلوح بالسلام |
كأن موشكه الضحايا
|
تكتال منهن البقاء |
كأن أحضان الصبايا
|
أودعتها الأطفال لما |
ينطفوا حذر المنايا
|
و لكم تناقلت المعابر |
و الدروب صدى نداء
|
تتشابك الرغبات مثب |
الغاب فيه على رجاء
|
هو معبر الأجيال من |
خطر يهم إلى نجاء
|
تعوي الذئاب و ما يزال |
يجيش كالدم في العروق
|
يند العواء و يدفع المقل |
الغضاب عن الطريق
|
و يظل يطفئها كما |
انطفأت بقايا من حريق
|
و يظل يخفق بالسلام |
كأنما نشرت جناحا
|
فيه الحمامة يلطم |
الظلماء فانفرطت و لاحا
|
من شقها الألق الحبيس |
و ظل ينطف ثم ساحا
|
صور لنفسك في الخيال |
أباك في وسط الحريق
|
يدعوك بالصوت الأبح |
وقد تخبط كالغريق
|
و يمد من خلل الدخان |
يديه يبحث عن طريق
|
و انظر لأمك و هي ترقد |
في التراب على قفاها
|
تتجاذب العقبان ثديي |
ها و يفقا ناظراها
|
و تلق من دمها الكلاب |
و ينخر الدود الشفاها
|
و تمل زوجك و هي تركض |
بين أشباح الجياع
|
شعثاء تلهث و الرياح |
تصكها دون انقطاع
|
حملت قميصك في ذراع |
و الرضيعة في ذراع
|
أو جثة ابنك و هي تزحف |
دون رأس في الدماء
|
أو مرضع ابنتك الممزق |
و هو يسحق بالحذاء
|
ورفات موتاك الرميم |
وقد تناثر في الهواء
|
و إذا رأيت عيون جير |
تك الرضية المحار
|
ترتج غضبى في قرارة |
جدول ضحل القرار
|
أفلا تطاردك العيون |
أما تبصك في احتقار
|
صور لنفسك في الخيال |
أباك في ليل الشتاء
|
و كأنما ردت عليه صباه |
أخيلة الصلاء
|
ما زال يقرأ و الصغار |
يضاحكونك في الخفاء
|
و انظر لأمك وهي تنصت |
أي عجب يزدهيها
|
عادت إلى الصوت الرتيب |
إلى الغوابر من سنيها
|
و تمثلته فتى يجمع |
ساعديه و يحتويها
|
و ابسط لزوجك و انتشلها |
و هي تلهث في الرخام
|
كفا ستختم إذ تو |
قع بالمداد على السلام
|
فرج الجراح فتوقف ال |
دم و الدموع عن انسجام
|
الشاطيء الضحاك و الأ |
صداء و القمر الطروي
|
سكران يغرق في جدا |
ئلها و تهمسه الطيوب
|
و تضمها و يطل من خلل |
العيون مدى رحيب
|
تتنفس الأضواء فيه |
كأنما سمعت غناء
|
حلو الرنين فراقصته |
هناك أجنحة اراءى
|
بيضاء يتبعها الص |
غار بأعين تندى أخاء
|
ليل العبودية النكراء صدعه |
مهوى طواغيت و استبسال ثوار
|
حتى إذا شمر الباغي ليرأبه |
شقا بأن يصهر الأجساد بالنار
|
هبت أعاصير تذرو ما تؤججه |
في وجهه الراعب النضاح اللعار
|
و استيقظ الشرق عملاقا تموج على |
عينيه دنيا من الأحقاد و الثار
|
يرمي و يرمي و يسعى نحو غايته |
في لجة من دجى غضبى و أنوار
|
تطفو عليها الضحايا أو تغوص إلى |
أعماقها بين تيار و تيار
|
راياته الداميات الظافرات كوى |
حمراء ينشق عنها سجنه الضاري
|
ألقى بها السلم في وجه الطغاة ردى |
و في صعيد الضحايا حمر أزهار
|
و حطموا أفوق الغل الذي سحبوا |
كي يطرقوا منه تابوتا لجبار
|
حيث اشرأبت على جرف الردى أمم |
شدت إلى الصخر إلا بعض أحرار
|
و ابتاع بالدرهم المجبول من دمها |
فيض الدم الثر منها شر تجار
|
و استأجروها لصنع الموت منه لها |
بالزاد يبقى دما فيها لجزار
|
أعمارها مثل بئر للدم ابتلعت |
جيلا سواها بهن ابتاعه الشاري
|
و تطل من أفق يفتحه |
الشروق إلى الحفافي
|
أيد تشير إلى الرقاب |
المشرئبة لا تخافي
|
لن يفصد الجلاد عرقا |
من عروقك لارتشاف
|
و لكم تناقلت المعابر |
و الدروب صدى نداء
|
تتشابك الرغبات مثل |
الغاب فيه على رجاء
|
هو معبر الأجيال |
من خطر يهم إلى نجاء
|
ما زال يخفق بالسلام |
كأنما نشرت جناحا
|
فيه الحمامة يلطم |
الظلماء فانفطرت و لاحا
|
من شقها الألق الحبيس |
و ظل ينعطف ثم ساحا |