عنوان القصيدة : مَنْ قصَّ شعرَها الطويل..؟للشاعر :عدنان الصائغالقسم : العراق تستطيع مشاهدة القصيدة في موقعنا على العنوان التالي : http://www.adab.com/modules.php?name=Sh3er&doWhat=shqas&qid=63751
|
كانتْ لي في طفولتي دميةٌ |
سرقوها قبل أنْ تتعلّمَ النطقَ |
وتلعبَ معي |
وكان لي في صباي حقلٌ ذهبيٌّ من سَنَابِل |
قطعوا عنه ماءَ النهرِ |
وحبسوا الغيمَ |
فاستعنتُ بدموعي |
قالوا لي: لا تبكِ... الرجالُ لا يبكون! |
فماتتِ السَنَابِلُ |
وتفتّتتْ حبَّاتُ القمحِ على بياضِ دفاتري |
قبلَ أنْ تنضجَ |
فعوّضوني عنها بكتبِ الجغرافيا المدرسيَّةِ |
وصورِ الحقولِ |
وعندما كَبِرتُ |
أصبحتْ لي حبيبةُ بشَعرٍ طويلٍ وشرائط بيضٍ |
لكنَّهم قصّوا ضَفائِرها قبل أنْ تكتملَ قصيدتي |
وشنقوا بشرائطها فرحي الصغيرَ |
وها أنا الآن |
أُحِسُّ بالغُصَّةِ كلّما مَرَرْتُ |
أمامَ محلّاتِ الألعابِ |
والضَفائرِ الطويلةِ |
وحقولِ القمحِ |
* |
كان لي حُلْمٌ صغيرٌ |
ببيتٍ صغيرٍ، ومكتبةٍ، وشُرفةٍ تظلّلها أوراقُ البرتقالِ والأملُ |
فالتهمهُ المُؤَجِّرُ الشرهُ |
ها هو كرشُهُ يزدادُ كلَّ يومٍ... |
وها هو نحولي يزدادُ كلَّ يومٍ... |
* |
كان لي أبٌ |
سرقهُ سريرُ المستشفى |
فلمْ أعدْ أتذكَّرُ من ملامحهِ |
سوى برودِ الطبيباتِ |
وهنَّ يتحدّثنَ لطفولتي عن رئتيهِ |
اللتين نخرهما السلُّ والفقْرُ |
بعد عشرين عاماً |
أدركتُ لماذا كنَّ يتحدّثنَ ببرودٍ |
* |
كان لي رصيفٌ للتسكّعِ |
وآخر للحبِّ... |
وآخر للبحثِ عن عملٍ |
أصبح لي رصيفٌ وحيدٌ، ضيِّقٌ |
يمتدُّ بي - كلَّ يومٍ - من البيتِ إلى الوظيفةِ |
* |
كانتْ لي غيمةٌ ماطرةٌ |
تسمّى القصيدة |
عندما لمْ تجدْ أرضاً تؤويها |
هاجرتْ |
وتركتني وحيداً |
على عراءِ النثرِ |
* * * |