سلْ ضاحكَ البرقِ يوماً عنْ ثناياها |
فَقَدْ حَكَاهَا فَهَلْ يَرْوِي حَكَايَاهَا |
وَهَلْ دَرَى كَيْفَ رَبُّ الْحُسْنِ رَتَّلَهَا |
وَالْجَوْهَرُ الْفَرْدُ مِنْهُ كَيْفَ جَزَّاهَا |
وهل سقاهُ الطِّلا تدري إذا ابتسمتْ |
أيُّ الحيا بانَ عندَ الشَّربِ أشهاها |
وسلْ أراكَ الحمى عن طعمِ ريقتها |
فليسَ يدري سواهُ في محيَّاها |
وهلْ رياضُ الرُّبا تدري شقائقها |
في خدِّها أيُّ خالٍ في سويداها |
وإنْ رأيتَ بدورَ الحيِّ وهيَ بهمْ |
فَحِيِّ بِالسِّرِّ عَنِّي وَجْهَ أَحْيَاهَا |
واقصدْ لباناتِ نعمانٍ وجيرتها |
واذكرْ لباناتِ قلبي عندَ لبناها |
عَرِّجْ عَلَيْهَا عَنِ الأَلْبَابِ نَنْشُدُهَا |
فإنَّنا منذُ أيَّامٍ فقدناها |
طَعْنٌ يُصَوِّرُ بِالأجْسَامِ أَقْوَاهَا |
عَنْ أَنْفُسٍ وَقُلُوبٍ ثَمَّ مَثْوَاهَا |
مَعَاهِدٌ كُلَّمَا أَمْسَيْتُ عَامِرَهَا |
ليلاً وأصبحتُ مجنوناً بليلاها |
وَرُبَّ لَيْلٍ بِهِ خُضْتُ الظَّلاَمَ كَمَا |
يَخُوضُ فِي مَفْرق الْعَذْرَاءِ مِدْرَاهَا |
جَوْن كَحَظٍّ بِهِ الآفَاقُ قَدْ خَضَبَتْ |
بَيَاضَهَا وَجَرَى بِالْقَارِ جِرْيَاهَا |
تَبْدُو النُّجُومُ فَلَمْ تَصْبِرْ لِظُلْمَتِهِ |
مِثْلَ الشَّرَارِ بِجَوْفِ الزَّنْدِ أَخْفَاهَا |
هوتْ بنا فيهِ عيسٌ كالجبالِ سمتْ |
نحو السَّماءِ ولوْ شئنا مسسناها |
رَكَائِبٌ كَحُرُوفٍ رُكِّبَتْ جُمَلاً |
أكرمْ بها من حروفٍ قدْ سطرناها |
أنعامُ هجنٍ حكتْ روحَ النَّعامِ إذا |
مَرَّتْ بِهَا الرِّيْحُ ظَنَّتْهَا نُعَامَاهَا |
حَتَّى نَزَلْنَا عَلَى الدَّارِ الَّتِي شَرُفَتْ |
بمنْ بها ولثمنا درَّ حصاها |
فعاوضتنا بدورٌ منْ فوراسها |
تَحْمي خُدُورَ شُمُوسٍ مِنْ عَذَارَاهَا |
ضيفانهمْ غيرَ أنَّا لا نريدُ قرى |
إلاَّ قلوباًإليهمْ قدْ أضفناها |
مَا كَانَ يُجْدِي وَلاَ يُغْنِي السُّرَى دَنِفاً |
لكنَّ حاجة َ نفسٍ قدْ أضفناها |
مَنْ لِي بِوَصْلِ فَتَاة ٍ دُونَ مَطْلَبِهَا |
طعنٌ يصوِّرُ بالأجسامِ أمواها |
عَزِيزة ٌ هِيَ شفْعُ الْكِيمِيَاءِ لَهَا |
ندي وجوداَ ولكنْ ما وجدناها |
فيها من الحسنِ كنزٌ لا يرى وكذا |
تخفي الكنوزُ المنايا في زواياها |
تَكَادُ تَرْشَحُ نُوراً كُلَّمَا خَطَرَتْ |
بِالْمَشْيِ لاَ عَرَقاً مِنْ كُلِّ أَمضَاهَا |
كأنَّما الفجرُ ربَاها فأرضعها |
حَلِيْبَهُ وَبِقُرْصِ الشَّمْسِ غَذَّاهَا |
قَدْ صَاغَهَا اللهُ مِنْ نَورٍ فَأَبْرَزَهَا |
محجوبة ٌ لا ينالُ الوهمُ رؤيتها |
ولا تصيدُ شراكَ النَّومِ رؤياها |
قدْ منَّعتها أسودٌ مثلُ أعينها |
سيوفهمُ لا تنالُ البرءَ جرحاها |
لَوْ تُمْسِكُ الرِّيقَ كَادُوا حِيْنَ تَقْطُرُهَا |
أنْ يلعقوها فلمْ ترحلْ بريَّاها |
وَرَحْمَة ً لِجَمِيعِ النَّاس سوَّاهَا |
لفَّتْ على زفراتِ الرَّعدِ أحشاها |
وإنْ تنفَّسَ صبحٌ عن لظى شفقٍ |
قاموا غضاباً وظنُّوا الصُّبحَ يهواها |
حرصاً عليهمْ نواحُ الورقِ يسخطهمْ |
تَوَهُّماً أَنَّ دَاءَ الْحُبِّ أَشْجَاهَا |
تَهْوَى الْفَرَاشُ إِلَيْهَا كُلَّمَا سَفَرَتْ |
فَيَسْتُرُونَ غَيَارَاهَا مُحَيَّاهَا |
بَيْنَ الْقُلُوبِ وَعَيْنَيْهَا مَضَى قَسَمٌ |
أنْ لا تصحَّ ولا تصحو سكاراها |
وبالجمالِ على أهلِ الهوى حلفتْ |
أنْ لا تموتَ ولا تحيا أساراها |
للهِ أيَّامُ لهوٍ بالعقيقِ وإنْ |
كانتْ قصاراً وساءتني قصاراها |
أَوْقَاتُ أُنْسٍ كَأَنَّ الدَّهْرَ أَغْفَلَهَا |
أو منْ صروفِ الَّليالي ما عرفناها |
لَمْ نَشْكُ مِنْ مِحَنِ الدُّنْيَا إِلَى أَحَدٍ |
مِنَ الْبَرِيَّة ِ إِلاَّ كَانَ إِحْدَاهَا |
أُعِيْذُ نَفْسِي مِنَ الشَّكْوَى إِلَى بَشَرَ |
بِاللهِ وَالْقَائِمِ الْمَهْدِيِّ مَوْلاَهَا |
إبنِ النبيِّ أبي الفضلِ الأبيِّ أخي الـ |
ـمعروفِ خيرِ بني الدُّنيا وأزكاها |
نُورُ الزُّجَاجَة ِ مِصْبَاحٌ تَوَقَّدَ مِنْ |
نَارِ الْكَلِيْمِ الَّتِي فِي الطُّوْرِ نَاجَاهَا |
جُزْءٌ مِنَ الْعَالَمِ الْقُدْسِيِّ هِمَّتُهُ |
ينوءُ بالعالمِ الكليِّ أدناها |
تاجُ الوزارة ِ طوقُ المجدِ خاتمهُ |
إِنْسَانُ عَيْنِ الْمَعَالِي زَنْدُ يُمْنَاهَا |
حليفُ فضلٍ بهِ تدري الوزارة ُ إذْ |
فِيْهَا تَجَلَّى بِأَيِّ الْفَضْلِ حَلاَّهَا |
طيبُ النبوَّة ِ فيهِ عنهُ يخبرنا |
بأنَّهُ ثمرٌ منْ دوحِ طوباها |
كَرِيمُ نَفْسٍ مِنَ الإِحْسَانِ قَدْ جُبِلَتْ |
مِنْهُ الطِّبَاعُ فَعَمَّ النَّاسَ جَدْوَاهَا |
عظيمة ٌ يتَّقي الجبَّارُ سطوتها |
زكيَّة ٌ تعرفُ العبَّادُ تقواها |
تقضي بسعدٍ ونحسٍ في الورى فلها |
حكمُ النُّجومِ الدَّراري في قضاياها |
لِلطَّالِبِينَ كُنُوزٌ فِي أنَامِلِهَا |
وَلِلزَّمَانِ عُقُودٌ مِنْ سَجَايَاهَا |
في أَصْفَهَانَ دِيَارِ الْعِزِّ مَنْزِلُهُ |
وَنَفْسُهُ فَوْقَ هَامِ النَّجْمِ مَسْعَاهَا |
يرمي الغيوبَ بآراءٍ مسدَّدة ٍ |
مِثْلِ السِّهَامِ فَلاَ تُخْطِي رَمَايَاهَا |
عزَّتْ بهِ الدَّولة ُ العلياءُ واعتدلتْ |
حتَّى ملا الأرضَ قسطاً عدلُ كسراها |
عمادها العلمُ والمعروفُ نائبها |
إكسيرها مومياها برءُ أدواها |
لَمْ يَتْرُكَنْ ظَالِماً غَيْرَ الْعُيُونِ بِهَا |
إذ لا تجازى بما تجنيهِ مرضاها |
أَفْدِيْهِ مِنْ عَالِمٍ تَشْفِي بَرَاعتُهُ |
مرضى قلوبِ الورى في نفثِ أفعاها |
لِلْفَاضِلِيْنَ سَجُودٌ حِيْنَ يُمْسِكُهَا |
كَأَنَّ سِرَّ الْعَصَا فِيْهَا فَأَلْقَاهَا |
كَأَنَّمَا لَيْلُنَا تُطْوَى غَيَاهِبُهُ |
إِذَا صَحَائِفُهُ فِيْهَا نَشَرْنَاهَا |
سطورها عنْ صفوفِ الجيشِ مغنية ٌ |
وأيُّ جيشِ وغى ً بالرَّدِّ يلقاها |
كأنَّما ألفاتٌ فوقها رقمتْ |
عَلَى الأَعَادِي رِمَاحاً قَدْ هَزَزْنَاهَا |
نَسْطُو بِهِنَّ عَلَى الْخَصْمِ الْمُلِمِّ بِنَا |
كأنَّ راءاتها قضبٌ سللناها |
إذا رأينا الحروفَ المهملاتِ بها |
فودُّنا بالأناسي لوْ لقطناها |
قَوْمٌ تَنَالُ الأَمَانِي وَالأَمَانَ بِهَا |
وَآَخَرُونَ بِهَا تَلْقَى مَنَايَاهَا |
لمْ يظفرِ الفهمُ يوماً في تصوُّرها |
ولا يزورُ خيالُ الوهمِ مغناها |
وبنتِ فكرٍ سحابُ الشكِّ حجَّبها |
عنْ العقولِ وليلُ الغيِّ غشَّاها |
جرتْ فأجرتْ لها منْ عين حكمتهِ |
مَا لَوْ يَفِيْضُ عَلَى الأَمْوَاتِ أَحْيَاهَا |
فرال عنها نقابُ الرَّيبِ وانكشفتْ |
أَسْرَارُهَا وَتَجَلَّى وَجْهُ مَعْنَاهَا |
قُلْ لِلَّذِينَ ادَّعَوْا فِي الْفَضْلِ فَلْسَفَة ً |
قد أبطلَ الحجَّة ُ المهديُّ دعواها |
من طورِ سيناءَ هذا نورُ فطنته |
فمن أرسطو ومن طورُ ابنِ سيناها |
فَلْيَفْخَرِ الْفُرْسُ وَلْيَزْهُوا بِسُؤْدُدِهِمْ |
عَلَى جَمِيْعِ الْوَرَى وَلْيَحْمَدُوا اللهَ |
بِمَنْ يُقَاسُونَ فِي الدُّنْيَا وَدَوْلَتُهُمْ |
وَزِيْرُهَا مِنْ بَنِي طَهَ وَمَوْلاَهَا |
منْ مالكٍ أصبحَ المهديُّ آصفها |
وقامَ فيها سليمانُ الورى شاها |
إنَّ الرِّعاية َ لا تعزى إلى شرفٍ |
إِلاَّ إِذَا كَانَتِ الأَشْرَافُ تَرْعَاهَا |
يَا ابْنَ الْنُبُوَّة ِ حَقّاً أَنْتَ عِتْرَتُهَا |
فَقَدْ حَوَيْتَ كَثِيْراً مِنْ مَزَاياهَا |
حَافَظْتَ فِيْهَا عَلَى التَّقَوَى وَدُمْتَ عَلَى |
عهدِ الموَّدة ِ والحسنى بقرباها |
كمْ في ثناياكَ منَّا نفحة ً عبقتْ |
إِلَيْكَ فِيْهَا اهْتَدَيْنَا إِذْ شَمِمْنَاهَا |
منْ كلِّ منبقة ٍ بالفضلِ معجزة ٍ |
آياتها منْ سواكمْ ما عرفناها |
مَفَاخِرٌ قَبْلَ تَشْرِيفِي بِرُؤْيَتِكُمْ |
آمنتُ بالغيبِ فيها إذ سمعناها |
عَنْهَا ثِقَاتُ بَنِي الْمَهْدِيِّ قَدْ نَقَلُوا |
لَنَا رِوَايَاتِ صِدْقٍ فَاعْتَقَدْنَاهَا |
كانتْ كنثرِ الَّلآلي في مسامعنا |
واليومَ فيكَ عقودٌ قدْ نظمناها |
شكراً لصنعكَ منْ حرٍّ لسادتنا |
بَعْدَ الإِيَاسِ وَهَبْتَ الْمُلْكَ وَالْجَاهَا |
تزلزلتْ في بني المهديِّ دولتهمْ |
لكِنَّ فِيْكَ إِلهَ الْعَرْشِ أَرْسَاهَا |
تَطَلَّبَ الْفُرْسُ وَالأَعْرَابُ خُطْبَتَهَا |
فَمَا سَمَحْتَ بِهَا إِلاَّ لأُوْلاَهَا |
زوَّجتها بكريمِ النَّفسِ أطهرها |
فرجاً وأوفرها علماً وأتقاها |
لولا وجودكَ يا ابنَ المصطفى غصبتْ |
مِنَّا حُقُوقُ مَعَالٍ قَدْ وَرِثْنَاهَا |
عنَّا رفعتَ زمانَ السُّوءِ فانقمعت |
بالكرهِ شوكتهُ حتَّى وطئناها |
مَوْلاَيَ دَعْوَة َ مُشْتَاقٍ حُشَاشَتُهُ |
لولا الرَّجاءُ أوارُ المجدِ أوراها |
إِلَيْكَ قَدْ بَعَثَتْهُ رَغْبَة ٌ غَلَبَتْ |
لمْ يهجرِ الأهلَ والأوطانَ لولاها |
لعلَّ عزمة َ نشطٍ فيكَ قدْ رحلتْ |
يَرْقَى الْجِبَالِ لِيَلْقَى طُورَ سِيْنَاهَا |
فحلَّ بقعة َ قدرسٍ حينَ شارفها |
مَا شَكَّ أَنَّكَ نَارٌ أَنْتَ مُوْسَاهَا |
تَوَهَّمَ الَنَّوْرَ نَاراً إِذْ رَآكَ وَكَمْ |
نَفْسٍ تُغَالِطُهَا فِي الصِدْقِ عَيْنَاهَا |
دنا ليقبسَ ناراً أو يصيب هدى ً |
إلى مداركِ غاياتٍ تمنَّاها |
حاشا عن الرُّؤية العظمى تجابُ بلنْ |
فَكُلُّ قَصْدِ كَلِيْمِ الشَّوْقِ إِيَّاهَا |
إِنْ لَمْ يَعُدْ بِالْيَدِ الْبَيْضَاءِ مِنْكَ إِلَى |
دِيَارِ مِصْرٍ أَتَى مِنْهَا فَقَدْ تَاهَا |
عسى بكمْ ينجح الرَّحمنُ مطلبهُ |
فقدْ توسَّلَ فيكمْ يا بني طهَ |