هي تجرِبةْ..
|
* * *
|
كتَلاقُح الأحزان في رحِم الرحيلْ
|
تتناسل الأشواق في صدري
|
إلى وطني.. أنادي
|
لن أناديَ
|
قبل أن يندى الصباحُ
|
ببحّة السيف الصقيلْ
|
* * *
|
هي تجرِبةْ..
|
للراحلين -وكنتُ فيهم-
|
تفتح البيداءُ صدرَ العريِ مكتسياً
|
بحبّ الأرض، يا لَغرامهم!
|
هم يسألون الرمل
|
عن أوطانِهم، وخُطاهم الإلحاحُ
|
يحترف السؤالْ
|
والأمر أكبر من سؤالْ
|
هم يسألون الرملَ عن لون الهوى
|
وحلاوة الأصوات
|
عن طعم الحنينِ
|
ونحن ننحتُ -حين نثقب ثغرةً-
|
وشماً نَـزِيْن به ذراع المستحيلْ
|
* * *
|
هي تجرِبةْ..
|
ما زال في دربي مجالٌ للخُطى
|
فاترك خُطايَ مهاجراً
|
فلربما أمسى أشدَّ أشدَّ من وعثاء رحلتيَ الوصولْ
|
هذي يد التاريخ قد دُفعَت
|
لتكتب مسرحيَّتها
|
وتنتزعَ اسميَ المطمورَ
|
تمحوَه ؛ فلا تدري بطولتيَ الفصولْ
|
ما زال في دربي مجالٌ للخُطى
|
فاترك خُطايَ
|
فقد تشي وسط البوادي باندلاق المجد
|
في جدبٍ من الزمن الذليلْ
|
* * *
|
هي تجرِبةْ..
|
والفجر مصلوبٌ
|
يُقاد إلى الغد المجهول قسراً
|
مُثخناً بِتَبايُنِ الآراء!
|
يا لَلفجر حين تلوكه سِنَةُ الثغورْ
|
أبُنـيّتي
|
والأمر أكبر من أسيرْ
|
ما زلتُ أكبُرُ في عيونِ الأسر!
|
حتى اعتادني -وألِفْـتُه- قلَقُ المصيرْ
|
تدري جراحي أنني المأسور، لكن
|
ما وعت معنى (الأسيرْ)!
|
وتَهرّأَت أعواميَ البيضاءُ
|
شاخت في عيوني الذكرياتُ
|
وذلك الميثاق أُجهِضَ
|
والأسير هو الأسيرْ
|
وتطول أنفاس القيود عليَّ متكئاً على صوت الظنون
|
فما يُمدِّدُ الانتظارَ
|
سوى الشعورِ بالانتظارْ
|
بؤسى للونِ الثورةِ الفنّانِ
|
أَبدعَ لوحةَ التاريخِ سوْرياليةً
|
والآن يحويها إطارْ!
|
أنا نطفة الحرية الحمراءِ
|
قد كُتبَت حياتي في الأزلْ
|
حتى ولو فاجأتُ قابِلتي بأحضان القبورْ
|
ليَ كلَّ يومٍ ألفُ ميلادٍ وترحالٍ إلى حرّيتي
|
فأنا قِماطيْ القيدُ
|
حضنيْ السجنُ
|
قابلتي هيَ السجّانُ
|
واللُثُغات حمحمةٌ . . كذا!!
|
وكذا أريد طفولتي
|
لن يُنتجَ الأفياءَ إلا مزجُ أمشاجِ الهجيرْ
|
بيني وبين الأمس ألفُ حكايةٍ نبويّةٍ . .
|
أنكرتُها
|
أنا ذكرياتي في غدي
|
فلدى غدي الشيءُ الكثيرْ
|
* * *
|
هي تجرِبةْ . .
|
والظامئون إلى القرارِ الهشِّ
|
قد شرِقوا بأوحال الخشوع
|
لمن سيتلو في محاريب الوعود
|
لهم تراتيلَ الهطولْ
|
والقائلون ليَ : الفرار أو الردى
|
قد أُلقِموا لغتينِ ما زالت تدرِّسها الكتاتيبُ العقيمةُ في السطورْ
|
لغةَ السلام سلامِنا الخرساءَ . . واللغةَ العويلْ
|
شابوا، وما زالت طفولةُ عُمْرِهم
|
وأنا هنا . . .
|
ما زال يملأ جعبتي صوتُ الهجيرْ
|
ما زال في سعف النخيل شموخُه
|
أوَما درى المتقزِّمون عن انتفاضات النخيلْ؟
|
فالنخلُ يغدق وهو يخفق كبرياءَ وإنما لا ينحني
|
إن انحناءَ النخلِ معناه الذبولْ
|
فليملؤوا ليَ من دم الرومِ الكؤوسَ
|
ومعزفي نايُ الصليلْ
|
والراقصاتُ الضامراتُ هي الخيولْ
|
يا أُمَّتا، هذا مواردنا
|
ولم نرشفْ وقد رويَ الدخيلْ!
|
يا أُمَّتا، هذي منازلنا
|
بنيناها، ويحكمها العميلْ!
|
هم لقّحوا بالعقمِ صوتَ هُويّةِ العربيِّ
|
حتى يولد العربيُّ _ في وضَحِ الهزيمةِ في دياجير انـهزام الذاتِ_
|
يحمل شكلَ رائحةِ المحولْ!
|
* * *
|
هي تجرِبةْ . .
|
والمشترون ضمائرَ الأقلامِ وسْط . . .
|
مُخدَّرون
|
بكلِّ حرفٍ غلّفَتْه لهم حوانيتُ الكلامِ الفجِّ
|
بالمجد الهلاميِّ التوهّجِ! يا لعار المجدِ
|
حين يُزفُّ مُتّـزراً بـهالاتِ الأفولْ
|
قد بَحَّ صوتُ السيفِ في كفّي
|
و(سيفُ الدولةِ) اكتظّتْ ملامحمه بلون العُجْبِ
|
يلتقط الذي قد مـجَّـه كافورُ من أغنـيّةٍ / جسدٍ
|
يغيّر في مطالعها له المتنبيْ
|
رشّ اسمَه بالمدح
|
والمسكوتُ عنه حبُّ (خولةَ) فاضحاً!
|
[يا أختَ خيرِ أخٍ] أيهتك وردةَ التاريخ
|
حُرّاس الحقولْ؟!
|
[الليلُ يعرفني...]!!
|
تتاجر -إذ تعربد- بالكلامْ
|
[والسيفُ]!!
|
لا
|
ما زال سيفك قابعاً في خدرِه
|
قد يُوصمُ التاريخُ بالأعيار من سيفٍ بتولْ
|
قد ملّت الأسماعُ: (كنّا...) (نحن أبناءُ المثنى...)
|
فاستقلْ
|
فالحرب لم تَقبل سوى الفعلِ المضارع
|
وانتماءِ ذواتِنا لذواتنا..
|
في عمق أصوات الذحولْ
|
يا أيّهذا الشاعرُ / الجسدُ، استقلْ
|
كلُّ اللغات رطانةٌ فصحى
|
سوى لغة الصليلْ
|
أغمِدْ صهيلَك..
|
لم يعُد في الأذْن متّسعٌ لجعجعة الصهيلْ |