هكذا فجأةً .. و دونَ ابتداءِ |
سرقَ الموتُ روحَها في المساءِ
|
أُنشِبتْ للردى أصابعُ غدرٍ |
باقتدارٍ و رهبةٍ و دهاءِ
|
و استبدتْ شهقاتُ موتٍ خفيٍّ |
أطبقَ الصدرَ ظامئاً لارتواءِ
|
لم تجدْ قربَها شقيقاً لتشكو |
قسوةَ النزعِ و انسدادَ الهواءِ
|
لم تجدْ من يردّ لفظ " وداعا" |
أو توصّي، فاليومُ يومُ التنائي
|
ربما حرّكتْ يديها لتلقى |
أيَّ كفّ تردّ حكمَ القضاءِ
|
ليتها ودّعت أو بكتْ أو رأتْ |
وجهَ ابنٍ من ستةِ الأبناءِ
|
كم تمنّت !! و ياانطفاءَ الأماني |
لحظةُ الفقدِ غصّة الغرباءِ
|
وحدَها واجهتهُ صمتاً و صبراً |
أسلمتْ روحَها برخصِ الغلاءِ
|
فاضتِ الروحُ بين ضعفٍ و كبتٍ |
و هوى نجمُها الذي في العلاءِ
|
غربةُ الأهلِِ ، والمكانُ ، و ليلٌ |
سرعةُ القبض ِ، يا ثقال البلاء ِ
|
كيف نامتْ وحيدةً ؟ كيف صاحت؟ |
و مُحالٌ – أختاهُ – سمعُ النداءِ
|
ليت أني دثرتها بدموعي |
من رياح النّوى فما مِن شفاءِ
|
ليتني !! ليتني !! و لكن محالٌ |
ما لسهمِ المنونِ من شفعاءِ
|
غادرتنا في سرعةٍ و ذهول |
جمرُه في النفوسِ نارُ اصطلاءِ
|
آهِ يا أختُ ! يا شقيقةَ حرفي |
و حياتي ، و نعمتي ، وابتلائي
|
أمطرَتكِ الرجالُ دمعاً هتوناً |
أرخصتْ فيكِ ذروةَ الكبرياءِ
|
بردُ ( تشرينَ ) أم حرارةُ صدري ؟ |
أم بكاءُ الأطفالِ و الأقرباءِ ؟
|
و اخضرارُ الزيتونِ يسْوَدّ لما |
يعزفُ الموتُ نغمةً للحُداءِ
|
كلما هزّني لملقاكِ شوقٌ |
أخمدَ الدمعُ وهجَ شوقِ اللقاءِ
|
*** *** ***
|
يا زهوراً منثورة فوقَ قبرٍ |
آ نسيها في وحدةٍ و جَفاءِ
|
يا رياحاً تمرّ بالقبرِ هاتي |
طيفَها عابراً بالّلألاءِ
|
يا تراباً يضمُّ ذكرى الغوالي |
يعدلُ التبرَ في يدِ الحسناءِ
|
عشتِ للطُهرِ و الكفاحِ قليلاً |
مثلَ وشم على جبينِ السّماءِ
|
عفّةُ النفسِ ، رقةُ الطبعِ ، صبرٌ |
خجَلٌ ، واجبٌ ، بحورُ السخاءِ
|
سوفَ تبقينَ في الزمانِ حديثاً |
لا يملُّ التكرارَ في الجُلَساءِ
|
و على ضفّةِ الفؤادِ وروداً |
ترتوي من شِغافهِ و الدماء ِ
|
و من الروح أنت نبضٌ و روحٌ |
حيثما سرْتُ رفرفتْ بانتشاءِ
|
لسْتُ بالميْتِ بعدَ أن غبتِ عني |
غيرَ أني ما عدْتُ كالأحياءِ
|
لكِ منا – ما أمهل العمرُ – ذكرى |
و صلاةٌ تضمُّ صدقَ الدعاءِ
|
و من اللهِ رحمَةٌ و جنانٌ |
و حريرٌ ، و سندسُ الأولياءِ
|
سوفَ تلقينَ عندَ ربّي نعيماً |
كي ينسّيكِ ما مضى من شقاءِ
|
هي – ياربّ – ضيفةٌ و قِراها |
جنةُ الخُلدِ ؛ منحةُ الكُرَماءِ |