لي غرفةٌ أنثى
|
أحبُّ شقوقها،
|
وعلى غبارِ طلائها علَّقتُ عمري،
|
وجمعتُ من دُفلى صبايَ قصائدي،
|
ونثرتها حبقاً لتضحكَ والمطرْ.
|
في بهوها
|
كان الصباحُ بجانبي متمدداً
|
يصغي إلى حلمي بليلٍ فائتٍ
|
أغرته غرفتيَ الصغيرةُ
|
بالهبوطِ من الجدارِ إلى القصيدةِ، والحبيبةِ، والقُرى
|
والعيدِ، والسيَّابِ،
|
والمعراجِ نحوَ فطورِ أمِّي،
|
ثرثراتِ الجارةِ الحُبلى ببطنٍ عاشرٍ،
|
وهديلِ زرعٍ أدمنَ الفلاحَ، …. أصحو
|
أُخرجُ الليلَ الجليلَ بغسلِ وجهي،
|
والحريقُ المرُّ في عينيَّ
|
أقوى من صدى صوتِ الرمادِ
|
يطقطقُ الرأسَ المعمَّرَ تحتَ نارِ القمحِ
|
ماذا لو أسمّي غرفتي
|
غرناطةَ الصحوِ اللذيذِ،
|
وأستجمُّ ببحرها
|
زمناً تحدده الخريطة.
|
مرَّةً:
|
وأنا أعبِّئُ في قواريرِ التذكُّرِ رفقتي
|
قررتُ أن أَلِدَ القصيدةَ مارداً
|
فخرجتُ أبخرةً من المصباحِ،
|
كان الجسمُ كونيَّاً
|
يلمُّ الليلُ عورته
|
ويهديه التحوُّلَ:
|
شامخاً
|
متكوراً
|
أفعى تبدِّلُ سمَّها… ترياقَ نصرٍ
|
أو ظلامٍ غربلَ الذراتِ فيهِ فأُجِّجتْ
|
نوراً يسيرُ بلحيةِ الوطنِ
|
وهناك تحت اللحيةِ الشمطاءِ
|
سُمِّدتِ الأساطيرُ القديمةُ عسكراً
|
نسجوا ربيعَ العمرِ أسلحةً
|
تمنطقتِ الخصورُ بها
|
وقلْ
|
ليكونَ قمحُ الأمنِ
|
مرشوشاً كما الطرقاتِ والزمنِ.
|
في كلِّ زاويةٍ من الأنثى
|
رسومُ العيدِ تبكي
|
تُسقطُ القطراتِ في ثغري
|
لينتعشَ القطيعُ،
|
وينتهي من سورةِ التسبيحِ
|
للعشبِ المقدَّسِ في عظامي
|
كم شربتُكِ غرفتي
|
والصيفُ يمطرُ كستناءاتِ العرقْ،
|
نتبادلُ القبلاتِ،
|
أحلمُ أنَّ أرضَكِ زوجتي،
|
وعلى رصيفِ زمانكِ
|
انتَدَبَ الإلهُ الأنبياءَ،
|
وصاغهمْ مطراً،
|
تشقَّقَ قبل أن يصلَ الحصادُ،
|
وقبلَ أنْ تتسربِ الأخبارُ
|
حولَ فضائحِ التيِّجانِ،
|
أجمعُ من مناشيرِ البنفسجِ مبدأً فيها،
|
وأحفظه كتذكرةِ السفرْ
|
وصريرُ بابِ الغرفةِ المثلى
|
خجولٌ في الليالي
|
حين يخرجُ رفقتي
|
متلصصينَ على هدوءِ الحيِّ
|
والقططِ الشريدةِ والخطرْ
|
وكلابُ عتمِ الليلِ ينهونَ الخطابَ ببصمةٍ
|
وأنا أسلِّمُ غرفتي
|
وقتَ الحراسةِ كي أنامْ
|
يا غرفةً سفحتْ صباها
|
كيف عادَ الغائبونَ عن الجرائدِ
|
كيف كنتِ
|
وكيف صرتِ
|
وهل وُطِئتِ كما وطئنا
|
هل تكاثرتِ الطحالبُ في جداركِ
|
أم بقيتِ كما البتولِ الحلوةِ
|
احترقتْ شفاهُ العطرِ حولَ النهدِ والردفين
|
والحبقِِ النميرِ بجسمها؟
|
أم أنهم قطفوا أجنَّتَكِ البريئةَ
|
ثم ساقوها لمنفانا
|
وباعوا جلدَكِ الخزفيَّ للطبالِ
|
وانهالَ السوادْ
|
هي كذبةٌ أنَّ الصغارَ تروضوا
|
وتعلبتْ آراؤهمْ في غرفةِ الإخصاءِ
|
وانطفأتْ فوانيسُ الخروجِ من المقاهي
|
طافحينَ بأمنياتْ
|
هي كذبةٌ تُلِيَتْ
|
ونحن نخطُّ ظلمتنا
|
تصاريحَ الخروجِ من القماقمِ للسنا
|
وهنا تُركنا
|
ممسكينَ بقيئنا
|
نعدو وتجري خلفنا قطعُ الظلالِ
|
تَهرَّأَتْ قسماتُها
|
وبنى الذبابُ الأزرقُ البركانَ فيها
|
ثم عدنا للمواقفِ
|
ننطرُ العرباتِ تأخذنا لمربانا
|
لغرفتيَ البعيدةِ
|
للبيادرِ
|
يشرقُ العمرُ المدمَّى من سنابلها
|
وأذكر أنني ضيَّعْتُ كرَّاسَ الطفولةِ تحتَ تربتها
|
وفوقَ سمادها نبتتْ ثمارُ قصائدي
|
يا غرفتي
|
هيّا أعدّي ثديَكِ
|
امتشقي لساني
|
كي يلاعب حَلْمَةَ الإصغاء للمنفى
|
وكي أضعَ الوسادةَ في جبيني
|
ثمَّ أحلمُ…………………..
|
/ فجأةً
|
ظهرتْ كوابيسُ العماراتِ الجديدةِ
|
أين أنتِ؟
|
وكيف ذبتِ كسكَّرٍ في ثغرِ طفلٍ؟
|
أنتَ تسقطُ يا معذَّبُ
|
والمدينةُ تبدأ التشييعَ
|
والمطرَ الخفيفْ. |