(1) أرق الحبق
|
6/10/1998
|
حبقٌ يفتحُ باب الَّليل للشّعرِ...
|
وهذا القلبُ كأسٌ كُسرَتْ أمسِ،
|
وجاء الحَبَقُ المبدعُ يُحْيي كِسَرَ القَلْبِ،
|
ينيرُ الأفُقَ السَّاقطَ في بئر الغَسَقْ
|
فصلاتي لكَ مولاي الحبقْ
|
يا منِ الأرضُ له سجَّادةٌ منسوجةٌ بالعطرِ
|
باركني، وسامحني إذا أخطأتُ في الحضرةِ
|
فالشَّاعرُ خيَّالُ القَلَقْ...
|
يا مضيء الغيب نوّرْ جوهَرَ الوَقْتِ
|
أنا الأمّيُّ علِّمني الألَقْ
|
سيّدي القادم من كفّ حبيبي
|
لغتي تنهضُ من أنقاضها
|
وتحيّيكَ لتدعوكَ إلى مائدة جمّلَتها أنتَ
|
وإن كنتَ بعيداً خلف أحياءِ المغيبِ
|
وحبيبي: نشوةٌ خجلى،
|
ومفتاحُ عطورٍ،
|
برعمٌ صلَّى له الوردُ
|
أذانٌ ذهبيٌّ
|
وله منِّي خشوعٌ
|
وله أرفعُ أيامي وأرمي بدروبي
|
عند رجليهِ... لتعبُرْ يا حبيبي
|
معكَ الأرضُ ربيعٌ يتعالى
|
بعدَك الأرض كلامٌ لن يقالا
|
بعدكَ الوقتُ فراغُ القَلْبِ
|
نهرٌ غادَرَتْهُ الشَّمسُ والزَّورَقُ،
|
دَعْني ضفّةً أُخرى لأسفاركَ في الرِّيحِ
|
وخذْني عشبةً في طرفِ البيتِ
|
شعاعاً فوق مهد النَّوم
|
خذْني أرقاً
|
أو بابَ سردابٍِ يصدّ الرّيحَ في وجه الأرقْ
|
خذ يدي محبرةً واكتُبْ بها قَوْلَ الشّتاء
|
لترى الشَّاعرَ موشوراً من الأحزانِ مسلوبَ الضّياءْ
|
آه مولاي الحَبَقْ
|
لم أكنْ لولاكَ هذا الَّليل إلاَّ حَجَرَ النّسيانِ
|
بالصَّمت احتَرَقْ...
|
***
|
(2) نشيد للضَّجر
|
25/12/1998
|
إذا رَفَع الَّليلُ خيمتَهُ في طريق المَطَرْ
|
ولم ينتبهْ لمروري خفيفاً
|
كأجراس أنثى تنامُ ليصحوَ في قدمَيْها الغَمَامُ
|
فشكراً لهذا الحضور الرَّقيقِ
|
يعلِّق في ظلماتي ظلالاً
|
ويفتَحُ لي باب أسراره ويقولُ: تعلَّمْ
|
وما ليس لي صار لي، غير أنّي غريبُ الشّتاءِ
|
كثيرُ الضِّياءِ، وحيدُ الضَّجَرْ...
|
***
|
(3) أشفّ من الياسمين
|
25/12/1998
|
تكذَبني وتفيضُ يداها
|
كلاماً أشفَّ من الياسمينِ
|
تصدّقني عندما لا أراها
|
وتهربُ في غفلةٍ عن رؤاها
|
تقول: تقدَّمْ كأنَّكَ تسرقُ وقتاً
|
له دورةٌ لا يُرى منتهاها...
|
لها أنْ أبلَّ شتات مخيّلتي بشذاها
|
وأحملَها في كلامي كما يحملُ الله أسماءَهُ
|
أهاجرُ فيها لأهجُرَها
|
أقتفي فَجْرَها كلَّ حُلْمٍ أعدُّ خطاها
|
وأخطئُ ثمّ أعيدُ إليها قناديلها
|
أقبّل ضوء أصابِعها
|
أختفي بين أحداقِها لأحرِّر قلبيَ منها
|
أهذا هو الحبُّ؟
|
يأتي بلا موسمٍ ليحدّد أحوالَ زهرتِنا ونداها
|
أهذا هو الحبُّ؟
|
يسبَحُ في ملكوتِ العبيرِ
|
يعيد لها يوم كنتُ بها أتباهى...
|
***
|
(4) السلام عليك
|
25/12/1998
|
الصّباحُ عليكِ، عليكِ الضّحى والسَّلامُ
|
وجموعُ العصافيرِ بين هطولَيْنِ
|
تهبطُ حتَّى تقيمُ على جانبيكِ الصَّلاةَ
|
فحيث أقمتِ، صلاةٌ تقامُ
|
كيف لم تسجدي تحت قوس العناقِ؟
|
الصّباح يعيدُ إليكِ الصَّباحَ
|
لتعبُرَ منه خفاياكِ للانعتاقِ
|
***
|
(5) أرق /قلق/ خلق...
|
29/12/1998
|
ما الّذي يكفيكِ منِّي؟
|
أرقٌ أسقيهِ أشباحَ خيالاتِكِ تعلو
|
كنوافير الجحيمْ
|
والَّلظى يفتَحُ بابَ القمرِ العالي،
|
أرى وجهكِ حنَّاناً
|
ومجلوّاً كنبض منْ ذَهَبْ
|
أرِّقيني واذهبي فيكِ
|
هنا عيناي بئرانِ من الأحزانِ
|
أَلْقي فيهما ما شئتِ من ناياتِ أحلامكِ
|
إذ تبكي على آتٍ ذَهَبْ
|
أنا آذارُكِ يا أمُّ
|
ونيسانُكِ يا صحواً أتى بين شتاءَيْنِ
|
ويا ميلادَ قلبي المحتَجَبْ
|
أين أمضي بكِ؟ يا قِبلَةَ كَوْنٍ
|
فاحَ من مشرقها المسْكُ
|
وأغرَتْ حبَّةَ الفردوس أن تمتدَّ
|
حتّى تَسَعَ العالَمَ كلَّهْ
|
كلّما زوَّجتُ منكِ الّلغة الزَّرقاءَ
|
فاضَتْ جملةً في بَحْر جملَهْ
|
وأرى قنديلكِ الموحي دنا ثمَّ تدلَّى
|
من ظلام الكوكبِ الأعلى فأضواهُ،
|
ونادَيْتُ من النَّشوة: يااللهُ...
|
حتَّى صرتُ مثلَهُ
|
أعجنُ الطّين، ولكنّي أسوّيهِ على هيئةِ فُلَّهْ...
|
***
|
(6) محراب بلا تراتيل
|
4/1/1999
|
مرّ يومٌ فوق خيلٍ موحشٍ
|
لم ألوّحْ فيه للكرسيَّ مغموراً بألغازكِ...
|
كان البابُ مفتوحاً ولم تدخُلْ بروقي
|
كان محرابي يتيماً
|
لم أُقِمْ فيه تراتيل الضُّحى
|
ما سجدَتْ فيه أناشيدي
|
ولم أَلْق به رزقاً
|
وما نوديتُ فيه: يا صديقي
|
كنتُ فخَّار ضبابٍ يتداعى،
|
انسرَبَتْ خمرتُه بين الشّقوقِ
|
مَزَجَتْ أشجارَ غاباتي بإيقاع الشّروقِ
|
أنتِ أنثاي الَّتي تشرقُ من سيِّدتي الزَّهراءِ
|
حتّى أبجديَّات عروقي
|
***
|
(7) امتحان
|
5/1/1999
|
ملأتْ قاعَةَ الفجر بالضَّوءِ،
|
أدَّى الهواءُ أذاناً عتيقاً
|
وفي المهد حلْم كستْهُ غلائلَها
|
ليسيرَ على قدميهِ أمام المرايا...
|
نوِّري القلبَ بالقلبِ...
|
لو كنتُ أملكُ شأن المجرَّاتِ،
|
أجريتُ من قدميكِ السَّحابَ
|
وأبعدتُ عن غدِ عينيكِ ذُعْرَ الهواجسِ
|
واخترتُ وجهكِ زورقَ ماسٍ
|
أسافرُ فيه لأمحو ثنائيّةَ الضفّتينِ
|
وأطويهما مثل طيّ الكتابْ...
|
***
|
(8) ميلاد
|
5/1/1999
|
مرَّ يومٌ مُقفِرٌ من غير جدوى
|
"مريمٌ" فيه بكَتْ خلف جفوني
|
وعلى فخّاره المهجورِ ما بين الممرَّاتِ
|
رأيتُ القلبَ يروي سيرةً من ندمٍ
|
ما زال يُرْوى...
|
مرَّ يومٌ أنتِ فيه قطَّة خضراءُ في سَقْف الغيابِ
|
خمشَتْ روحيَ سرّاً
|
عندما فاجأني ظلِّي على باب العذابِ
|
ورؤى "فيروز" في مشوارها
|
تحملُ عنّي شاعراً ينتظرُ الميلادَ
|
في سرّ المغارَهْ
|
لتعيدي نطفةَ النَّار إلى الإيقاعِ
|
مولودُك هذا الشَّاعرُ الضَّائعُ في عينيكِ،
|
أو بين الظّلال الخُضْر في جفنيكِ،
|
من ضلعكِ يستولدُ عاداتِ الصَّباحْ
|
ويربّي في يديكِ الأرضَ نشوى...
|
لا تميلي عن ندى بيدرهِ في أوّل الفجرِ
|
وإنْ فاجأتِه مستضعَفاً
|
فلتكوني منهُ أقوى...
|
***
|
(9) نشوة:
|
(5/1/1999)
|
بيدي أزفُّ إليكِ فَجْرَ النَّارِ
|
وأضيفُ أسراراً إلى أسراري
|
بدمي أنيرُ هواءَ قلبَيْنا معاً
|
لتطولَ في قاماتها أشجاري
|
فتأهَّبي لدخول أعتاب الرِّضى
|
وتباركي في كعبةِ الأنوار
|
لكِ مائلٌ ظِلِّي كما مال المدى
|
بغيومهِ في مشهد الأمطارِ
|
يا جنّةً ما زلتُ أحلم أنَّها
|
سكَني، لتجري تحتها أنهاري
|
إنّي اصطفيتُكِ من عناقيد العُلى
|
لأكونَ سرَّ الخمرِ والخمَّارِ
|
فإذا انتشيتُ، هيَ القصيدةُ تنتشي
|
بجمالها المتناقضِ الأطوارِ
|
فدعي المغنّي صاعداً للمنتهى
|
بصعودهِ ينهارُ كلُّ جدار
|
فإذا تباطأ بالوصول مع الضُّحى
|
فلأنَّه جَبلٌ من الأوزارِ
|
لا توبةٌ تغْني المسافرَ في الدُّجى
|
فتألّقي في شمعة استغفارِ
|
قد يغفرُ الملكوتُ كبْواتي الَّتي
|
تُدْني صروحي من جنونِ دمارِ
|
لا جنّةٌ عندي، وكلُّ قصائدي
|
أنّي أزفُّ إليكِ فجرَ النّارِ... |