شَيَّعتُ أَحلامي بِقَلبٍ باكِ |
وَلَمَمتُ مِن طُرُقِ المِلاحِ شِباكي
|
وَرَجَعتُ أَدراجَ الشَبابِ وَوَردِهِ |
أَمشي مَكانَهُما عَلى الأَشواكِ
|
وَبِجانِبي واهٍ كَأنَّ خُفوقَهُ |
لَمّا تَلَفَّتَ جَهشَةُ المُتَباكي
|
شاكي السِلاحِ إِذا خَلا بِضُلوعِهِ |
فَإِذا أُهيبَ بِهِ فَلَيسَ بِشاكِ
|
قَد راعَهُ أَنّي طَوَيتُ حَبائِلي |
مِن بَعدِ طولِ تَناوُلٍ وَفِكاكِ
|
وَيحَ اِبنِ جَنبي كُلُّ غايَةِ لَذَّةٍ |
بَعدَ الشَبابِ عَزيزَةُ الإِدراكِ
|
لَم تُبقِ مِنّا يا فُؤادُ بَقِيَّةً |
لِفُتُوَّةٍ أَو فَضلَةٌ لِعِراكِ
|
كُنّا إِذا صَفَّقتَ نَستَبِقُ الهَوى |
وَنَشُدُّ شَدَّ العُصبَةِ الفُتّاكِ
|
وَاليَومَ تَبعَثُ فِيَّ حينَ تَهَزُّني |
ما يَبعَثُ الناقوسُ في النُسّاكِ
|
يا جارَةَ الوادي طَرِبتُ وَعادَني |
ما يُشبِهُ الأَحلامَ مِن ذِكراكِ
|
مَثَّلتُ في الذِكرى هَواكِ وَفي الكَرى |
وَالذِكرَياتُ صَدى السِنينِ الحاكي
|
وَلَقَد مَرَرتُ عَلى الرِياضِ بِرَبوَةٍ |
غَنّاءَ كُنتُ حِيالَها أَلقاكِ
|
ضَحِكَت إِلَيَّ وُجوهُها وَعُيونُها |
وَوَجَدتُ في أَنفاسِها رَيّاكِ
|
فَذَهبتُ في الأَيّامِ أَذكُرُ رَفرَفاً |
بَينَ الجَداوِلِ وَالعُيونِ حَواكِ
|
أَذَكَرتِ هَروَلَةَ الصَبابَةِ وَالهَوى |
لَمّا خَطَرتِ يُقَبِّلانِ خُطاكِ
|
لَم أَدرِ ماطيبُ العِناقِ عَلى الهَوى |
حَتّى تَرَفَّقَ ساعِدي فَطواكِ
|
وَتَأَوَّدَت أَعطافُ بانِكِ في يَدي |
وَاِحمَرَّ مِن خَفرَيهِما خَدّاكِ
|
وَدَخَلتُ في لَيلَينِ فَرعِكِ وَالدُجى |
وَلَثَمتُ كَالصُبحِ المُنَوِّرِ فاكِ
|
وَوَجدتُ في كُنهِ الجَوانِحِ نَشوَةً |
مِن طيبِ فيكِ وَمِن سُلافِ لَماكِ
|
وَتَعَطَّلَت لُغَةُ الكَلامِ وَخاطَبَت |
عَينَيَّ في لُغَةِ الهَوى عَيناكِ
|
وَمَحَوتُ كُلَّ لُبانَةٍ مِن خاطِري |
وَنَسيتُ كُلَّ تَعاتُبٍ وَتَشاكي
|
لا أَمسَ مِن عُمرِ الزَمانِ وَلا غَدٌ |
جُمِعَ الزَمانُ فَكانَ يَومَ رِضاكِ
|
لُبنانُ رَدَّتني إِلَيكَ مِنَ النَوى |
أَقدارُ سَيرٍ لِلحَياةِ دَراكِ
|
جَمَعَت نَزيلَي ظَهرِها مِن فُرقَةٍ |
كُرَةٌ وَراءَ صَوالِجِ الأَفلاكِ
|
نَمشي عَلَيها فَوقَ كُلِّ فُجاءَةٍ |
كَالطَيرِ فَوقَ مَكامِنِ الأَشراكِ
|
وَلَو أَنَّ بِالشَوقُ المَزارُ وَجَدتَني |
مُلقى الرِحالِ عَلى ثَراكِ الذاكي
|
بِنتَ البِقاعِ وَأُمَّ بَردونِيَّها |
طيبي كَجِلَّقَ وَاِسكُبي بَرداكِ
|
وَدِمَشقُ جَنّاتُ النَعيمِ وَإِنَّما |
أَلفَيتُ سُدَّةَ عَدنِهِنَّ رُباكِ
|
قَسَماً لَوِ اِنتَمَتِ الجَداوِلُ وَالرُبا |
لَتَهَلَّلَ الفِردَوسُ ثُمَّ نَماكِ
|
مَرآكِ مَرآهُ وَعَينُكِ عَينُهُ |
لِم يا زُحَيلَةُ لا يَكونُ أَباكِ
|
تِلكَ الكُرومُ بَقِيَّةٌ مِن بابِلٍ |
هَيهاتَ نَسيَ البابِلِيِّ جَناكِ
|
تُبدي كَوَشيِ الفُرسِ أَفتَنَ صِبغَةٍ |
لِلناظِرينَ إِلى أَلَذِّ حِياكِ
|
خَرَزاتِ مِسكٍ أَو عُقودَ الكَهرَبا |
أودِعنَ كافوراً مِنَ الأَسلاكِ
|
فَكَّرتُ في لَبَنِ الجِنانِ وَخَمرِها |
لَمّا رَأَيتُ الماءَ مَسَّ طِلاكِ
|
لَم أَنسَ مِن هِبَةِ الزَمانِ عَشِيَّةً |
سَلَفَت بِظِلِّكِ وَاِنقَضَت بِذَراكِ
|
كُنتِ العَروسَ عَلى مَنَصَّةِ جِنحِها |
لُبنانُ في الوَشيِ الكَريمِ جَلاكِ
|
يَمشي إِلَيكِ اللَحظُ في الديباجِ أَو |
في العاجِ مِن أَيِّ الشِعابِ أَتاكِ
|
ضَمَّت ذِراعَيها الطَبيعَةُ رِقَّةً |
صِنّينَ وَالحَرَمونَ فَاِحتَضَناكِ
|
وَالبَدرُ في ثَبَجِ السَماءِ مُنَوِّرٌ |
سالَت حُلاهُ عَلى الثَرى وَحُلاكِ
|
وَالنَيِّراتُ مِنَ السَحابِ مُطِلَّةٌ |
كَالغيدِ مِن سِترٍ وَمِن شُبّاكِ
|
وَكَأَنَّ كُلَّ ذُؤابَةٍ مِن شاهِقٍ |
رُكنُ المَجرَّةِ أَو جِدارُ سِماكِ
|
سَكَنَت نَواحي اللَيلِ إِلّا أَنَّةً |
في الأَيكِ أَو وَتَراً شَجِيَ حِراكِ
|
شَرَفاً عَروسَ الأَرزِ كُلُّ خَريدَةٍ |
تَحتَ السَماءِ مِنَ البِلادِ فِداكِ
|
رَكَزَ البَيانُ عَلى ذَراكِ لِوائَهُ |
وَمَشى مُلوكُ الشِعرِ في مَغناكِ
|
أُدَباؤُكِ الزُهرُ الشُموسُ وَلا أَرى |
أَرضاً تَمَخَّضُ بِالشُموسِ سِواكِ
|
مِن كُلِّ أَروَعَ عِلمُهُ في شِعرِهِ |
وَيَراعُهُ مِن خُلقِهِ بِمَلاكِ
|
جَمعَ القَصائِدَ مِن رُباكِ وَرُبَّما |
سَرَقَ الشَمائِلَ مِن نَسيمِ صَباكِ
|
موسى بِبابِكِ في المَكارِمِ وَالعُلا |
وَعَصاهُ في سِحرِ البَيانِ عَصاكِ
|
أَحلَلتِ شِعري مِنكِ في عُليا الذُرا |
وَجَمَعتِهِ بِرِوايَةِ الأَملاكِ
|
إِن تُكرِمي يا زَحلُ شِعري إِنَّني |
أَنكَرتُ كُلَّ قَصيدَةٍ إِلّاكِ
|
أَنتِ الخَيالُ بَديعُهُ وَغَريبُهُ |
اللَهُ صاغَكِ وَالزَمانُ رَواكِ |