القلعة والمتنبي
|
المتنبي يودع الألفية الثانية في مدينة حلب
|
- - -
|
القلعة :
|
أراك حزينا والقـوافي حزينـة |
بـدونك مـا كـان الخلود قوافيا
|
المتنبي :
|
تمر رياح الوقت موتـا كماهيا |
" كفى بك داء أن ترى الموت شافيا
|
فحسب الليـالي أن تعاود ليلهــا |
" وحسب المنايا أن يكن أمانيا "
|
أتيت إليك اليوم والقلب مرهـق |
من الدهر والأحلام أمست خواليا
|
فطـافت علـى قلبي هموم كثيرة |
وبت وحيدا في النوى لا أخا ليا
|
كأني من البرد احترقت ولم أكن |
سوى من دموع لا تـملُّ المآقيا
|
يقولون مرَّ العـام والعـام مقبل |
على أنــني ما عشت إلا ثوانيـا
|
كأني مـن البـدء القديم نهايـة |
ولم أك يومـا في النهاية باديـا
|
سعيت إلى نفسي ونفسي بحيرةٍ |
وحيرة نفسي أن أرانيَ جانيا
|
هو الدهر مسكون بحلم مؤجل |
وما من سبيل مرة قد صفا ليـا
|
تعـبت وعمري موغل في مسائـه |
وريح انكساري من دمائي رمى بيا
|
هي الألف بعد الألف تأتي كأنهــا |
بلا موعد كانت وماتت كما هيـا
|
دعينــي على وهمي أحـاول أن أرى |
سرابي مناجاة وريحا مواتـيا
|
أنا الـليـل ناداني فتهت بعتمـتي |
ورحت أنادي من يفك وثاقيـا
|
توسلت بالأحـلام حتى حسبتني |
سرابا علـى وجـه المسـافة واهيا
|
وقفـت بباب الحزن أدركني الأسى |
وبانت لي الدنيا كما لم تبن ليـا
|
سألت جهات الصمت عن موعد الضحى |
فقالت يـميني تاه فيه شماليا
|
القلعة :
|
كأني أراك اليـوم والحزن سيد |
فما ذا دهاك اليوم بالحزن ماضيا
|
كأنك ما أوحـيت للدهر سره |
وما قلت يوما للزمان تعاليـا :!
|
" وما الـدهر إلا مـن رواة قصائدي |
إذا قلت شعرا أصبح الدهر راويا "
|
حملنا على الأيـام والسيف صارم |
يخـامر نحر الأفق للمجد صاديا
|
تعـلقت الأيـام في ذيل ثوبـه |
وأدرك في الأيـام ما كـان راميــا
|
القلعة :
|
ولكنه مازال سيفا مهندا |
ونجما مـن الأمجـاد يعلو سمائيـا
|
فمن صنع الأمجاد يبقى صنيعـه |
وليس يزيل الدهر ما كان باقيا
|
المتنبي :
|
تنبأت بالأحزان يا أم إنمـا |
وقـوفك في وجـه الفناء عزائيا
|
كأني أراك اليوم في حلـَّة الضحى |
تعيدينني من ذلـتي وخرابيا
|
لأجلك يا أماه لن أبرح العلا |
ولـن تري القلب المخضـل شاكيا
|
خذيني إلـى عينيك يا قلعـة الهوى |
أرى فيك تاريخ السيوف المواضيا
|
القلعة :
|
وقفت وكان الدهر طفلا سعـا ليا |
تربى على مجدي فشب تباهيا
|
أنا السرُّ في نهر الخلود إذا جرى |
أنـا الفخر حـين الفخر يبدو مثاليا
|
كتبت على أحجار صمتي حكايتي |
وطاف جهات الأرض مجدا ندائيا
|
كتبت على أحجار صمتي حكايتي |
وطاف جهات الأرض مجدا ندائيا |
كتبت على أحجار صمتي حكـايتي |
وطاف جهــات الأرض مــجدا ندائيا |