يا حابسين صحيفة الأحرار |
هل يمنع القيد استعار النار
|
إن تحجبوها فهي حقد كامن |
بين الضلوع و صرخة استنكار
|
بنت الكفاح و كل سطر خالد |
عرق يفور به دم الثوار
|
ضم الشتات بها ( فكاوا ) يجتلي |
من عين ( يعرب ) ضحكة استبشار
|
و ( القدس ) تشهد كل جرح أنها |
برء يثير مخاوف الأشرار
|
لم تكب في ساح الجهاد و لا ارتضت |
ذلا و لا غفلت عن استعمار
|
إن تحجبوها فالليالي شأنها |
ألا يدوم بها سنا الأقمار
|
ما إن نخور فليس فينا جاهل |
إن الحياة عطية الأخطار
|
إنا لنغمد في اللظى أقدامنا |
هيهات نشكو سطوة الأحجار
|
واحر قلبي يا بلادي أنني |
جردت فيك سوى من الأشعار
|
ماذا ظننت بصادق في حبه |
لو كان يملك قوة الأقدار
|
هل كان ينفض من نضال كفه |
أو كان يتركها على القيثار
|
و لو استطعت لكنت حزبا ثانيا |
مثل التحرر صادق الآثار
|
أو عدت أجعل من دمائي ثورة |
تجلو غشاوة هذه الأبصار
|
الشعب يعلم عن يقين أنها |
بوق النضال و منبر الأحرار
|
حان الكفاح فأنزلتها طعنة |
حمراء في صدر الحليف الصاري
|
الجو فيك لكل نسر ضيق |
رحب لكل ملون المنقار
|
قصوا جناح النشر فيه و أطلقوا |
لليوم أجنحة الخنا و العار
|
و من المهازل أن أوفى صفحة |
للشعب تطويها يدا غدار
|
ما راش جود الكادحين جناحها |
حتى يراه مقص الاستعمار
|
أن يحجبوها فهي في أرواحنا |
و ضحاه تنشرها يد التذكار
|
أو طاب يوم ( الخائنات ) بيومها |
فالخائنات قصيرة الأعمار
|
إن المصاب و إن خلا من فرحة |
لم يخل من عظة و من انذار
|
فالطاعن الصدر الأبي بسيفه |
سق الستار بطعنة استهتار
|
فإذا العيون ترى و في أهدابها |
لمح الدماء خبيثة ( الثرثار )
|
يجثو على فرش الحرير و دونه |
جسم الطعين على التراب العاري
|
فالطرف يمسك بالكؤوس و رجله |
بالطرس و الكغان بالدينار
|
لو باركته يدا ( سفير ) ساعة |
باع النضال بحلفة ( استيزار )
|
يا من يشيد لكل حر محبسا |
خوفا على كرسيه المنهار
|
إن الظلام إذا تناهى غيه |
زاد العيون صدى إلى الأنوار
|
و الحابس الأبطال عن أن يزأروا |
ظن الزئير قضى قتل إسار
|
حتى تكشف عن سراب ظنه |
و انفض جوف الصمت عن إعصار
|
فإذا الحناجر و الزمازم تنبري |
غضبى تجوز عليه عقر الدار
|
هيهات تغلب كل كف شأنها |
لمس الحرير تدفق التيار
|
هيهات يصرع كل فكر ملؤه |
همس الطغاة صوارخ الأنكار
|
ما دام بعض دم الضحية دافقا |
فيها فلا ركنت إلى الأظفار
|
يا شعب أنت غد فإن لم يؤمنوا |
بالكادحين فلست للكفار
|
إن الطغاة نجوم ليل ترتدي |
ثوب المغيب و أنت شمس نهار
|
أنت اندفعت إلى العلاء و غلغلوا |
في هوة لا تنتهي بقرار
|
لا يستوي الجيلان هذا مقبل |
نحو الحياة و ذاك في إدبار
|
ظنونك سخرية الزمان و نهزه |
للطامعين و لعبة الأغرار
|
حتى أبنت عن اللظى في ملمس |
و كشفت في شرب عن الأكدار
|
أنت العباب سجا و أغفى حاجبا |
خلف السجو منية البحار
|
أنت الزمان صفا ليهوي سيفه |
بعد الصفاء على يدي جبار
|
إن الشعوب شكون داء واحدا |
رغم التنائي و اختلاف الدار
|
أغلالهن مجمعات في يد |
رعناء تنشرها على الأقطار
|
فإذا حطمت فلست وحدك حاطما |
تلك القيود غنيت بالأنصار
|
لاوفق الأشرار في أن يخرقوا |
قلب النضال بكاذب الأخبار
|
هل يأمن المطعون من جلاده |
إلا لقاء الصارم البتار
|
و الأرض ليس لها من غاسل |
رجس الطغاة سوى دم الثوار |