الأسلحة والأطفال
|
عصافير أم صبية تمرح
|
عليها سنا من غد يلمح
|
وأقدامها العاريه
|
محار يصلصل في ساقيه
|
لأذيالهم رفة الشمأل
|
سرت عبر حقل من السنبل
|
وهسهسة الخبز في يوم عيد
|
وغمغمة الأم باسم الوليد
|
تناغيه في يومه الأول
|
كأني أسمع خفق القلوع
|
وتصخاب بحاره السندباد
|
رأى كتره الضخم بين الضلوع
|
فما اختار الاه كترا وعادا
|
صدى عابر من وراء العصور
|
من الكهف والغاب والمعبد
|
سرى دافئا من عروق الصخور
|
وازميل نحاتها المجهد
|
يغني بأشواقه العاتيه
|
الينا الى القمه العاليه
|
الى أن يفل الردى بالحياه
|
وتلقاه أجيالها الآتيه
|
على صخرة حملتها يداه
|
تحاياه في بسمة في الشفاه
|
وفي أعين حجرت مقلتاه
|
عليها دموعها الجاريه
|
صدى رجعته الأكف الصغار
|
يصفقن في الشارع المشرق
|
كخفق الفراشات مر النهار
|
عليها بفانوسه الأزرق
|
وكم من أب آيب في المساء
|
الى الدار من سعيه الباكر
|
وقد زم من ناظريه العناء
|
وغشاهما بالدم الخاثر
|
تلقاه في الباب طفل شرود
|
يكركر بالضحكة الصافيه
|
فتنهل سمحاء ملء الوجود
|
وتزرع آفاقه الداجيه
|
نجوما وتنسيه عبء القيود
|
وهم في ليالي الشتاء الطوال
|
ربيع من الدفء والعافيه
|
تلم العجائز فيه الورود
|
ويلمحن عهد الصبا ثانيه
|
ويرقصن بين التلال
|
يرجحن أرجوحة في الخيال
|
بعذراء في ليلة مقمره
|
وفي ظل تفاحة مزهره
|
تنام العصافير فيها
|
وهم في الصباح
|
خطى خافقات على السلم
|
وأيد على أوجه النوم
|
يدغدغنها في مزاح
|
وأغنية من أغاني الطريق
|
يلحن سوى لحنها الأول
|
وشأو من الصوت مستعجل
|
وهم رفقة الأم اذ تستفيق
|
واذ تشعل النار في الموقد
|
كخيط ترى فيه بدء الغد
|
عصافير أم صبية تمرح
|
أم الماء من صخرة ينضج
|
فيخضل عشب وتندى زهور
|
زهور ونور
|
وقبرة تصدح
|
وتفاحة مزهرة
|
لخفق العصافير فيها
|
صدى قبلة الأم تلقى بنيها
|
دعيني فما تلك بالقبرة
|
دعيني أقل أنه البلبل
|
وان الذي لاح ليس الصباح
|
أتلك السفين التى تعول
|
على مرفا ناوحته الرياح
|
تلوح منهاأكف الجنود
|
لألف كجولييت فوق الرصيف
|
وداعا وداع الذي لا يعودا
|
وأم كما استوحشت في الخريف
|
وراء الدجى دوحة عاريه
|
وفرت عصافيرها الشاديه
|
عصافير أم صبية تمرح
|
أم الماء من صخرة ينضح
|
ولكن على جثة داميه
|
وقبرة تصدح
|
ولكن على خربة باليه
|
عصافير
|
بل صبية تمرح
|
وأعمارها في يد الطاغية
|
وألحانها الحلوة الصافيه
|
تغلغل فيها نداء بعيد
|
حديد عتيق
|
رصاص
|
حديد
|
وكالظل من ياشق في الفضاء
|
اذا اجتاح كالمدية الماضيه
|
عصافير تشدو على رابيه
|
ترامى الى الصبية الأبرياء
|
نداء تنشقت فيه الدماء
|
حديد عتيق
|
حديد عتيق
|
رصاص فحتى كأن الهواء
|
رصاص وحتى كأن الطريق
|
حديد عتيق
|
وينفض كالمعول الحافر
|
صدى راعب من خطى التاجر
|
له الويل ماذا يؤيد
|
حديد عتيق
|
رصاص
|
حديد
|
لك الويل من تاجر أشأم
|
ومن خائض في مسيل الدم
|
ومن جاهل أن ما يشتريه
|
لدرء الطوى والردى عن بنيه
|
قبور يوارون فيها بنيه
|
حديد عتيق
|
رصاص000ص
|
حديد
|
حديد عتيق لموت جديد
|
حد00يد
|
لمن كل هذا الحديد
|
لقيد سيلوى على معصم
|
ونصل على حلمة أو وريد
|
وقفل على الباب دون العبيد
|
وناعورة لاغتراف الدم
|
رصاص
|
لمن كل هذا الرصاص
|
لأطفال كورية البائسين
|
وعمال مرسيليا الجائعين
|
وأبناء بغداد والآخرين
|
اذا ما أرادوا الخلاص
|
حديد
|
رصاص
|
رصاص
|
رصاص
|
حديد
|
وأصغي الى التاجر
|
وأصغي الى الصبية الضاحكين
|
وكالنصل قبل انتباه الطعين
|
وكالبرق ينفض في خاطري
|
ستار وكالجرح اذ يترف
|
أرى الفوهات التى تقصف
|
تسد المدى واللظى والدماء
|
وينهل كالغيث ملء الفضاء
|
رصاص ونار ووجه السماء
|
عبوس لما اصطك فيه الحديد
|
حديد ونار حديد ونار
|
وثم ارتطام وثم انفجار
|
ورعد قريب ورعد بعيد
|
وأشلاء قتلى وأنقاض دار
|
حديد عتيق لغزوجديد
|
حديد ليندك هذا الجدار
|
بما خط في جانبيه الصغار
|
و ما استودعوا من امان كبار
|
سلام
|
كان السنا في الحروف
|
تخطى اليها ظلام الكهوف
|
بامال انسانها الاول
|
و ما اختط من صورة في الحجار
|
تحدى بها الموت فهي انتصار
|
و توق الى العالم الافضل
|
حديد
|
رصاص
|
حديد عتيق
|
رصاص ليخلو هذا الطريق
|
من الضحكة الثرة الصافيه
|
و خفق الخطى و الهتاف الطروب
|
فمن يملا الدار عند الغروب
|
بدفء الضحى و اخضلال السهوب
|
لظى الحقد في مقلة الطاغيه
|
و رمضاء انفاسه الباقيه
|
يطوفان بالدار عند الغروب
|
و اطلالها الباليه
|
حديد عتيق
|
نحاس عتيق
|
و اصداء صفارة للحريق
|
حديد حديد
|
و ام تبيع السرير العتيق
|
تبيع الحديد الذي امس كان
|
مهادا عليه التقا عاشقان
|
و شد نداء الحياة العميق
|
دراعا باخرى فما تخفقان
|
فيا حسرتا حين يمسى غدا
|
شظايا تدوي و بعض المدى
|
تنحى بها عن ذراع ذراع
|
و ينهد مهد و يخبو شعاع
|
امن حيث كان التقاء الشفاه
|
على الحب ينسجن خيط الحياه
|
يحوك الردا غزله الاسودا
|
دما او دخانا يحوك الردى
|
شباكا من النار حول البيوت
|
على صبية او صبايا تموت
|
و يرتد حتى حديد السرير
|
جناحا عليه المنايا تغير
|
و حتى الذي في عيون الدمى
|
من المعدن الزئبقي الحسير
|
رصاصا ابح الصدى مرزما
|
حديد عتيق حديد حديد
|
و اقدامها العاريه
|
محار يصلصل في ساقيه
|
و يعتاد بالي كرعد بعيد
|
ضجيج الخطى و انهيار الصخور
|
و خفق الفوانيس في المنجم
|
و ما نض من عاريات الظهور
|
و ما انسح في سعلة من دم
|
و ملء السنا من غبار الحديد
|
نواقيس فيها يرن السكون
|
و اجراس مركبة من بعيد
|
يخف لها صبية يلعبون
|
نواقيس في الفجر و اليوم عيد
|
و في الماء اضلال جسر جديد
|
و همس النواعير و الزارعون
|
و في كل حقل كنبض الحياه
|
تهز المحاريث قلب الثرى
|
و تبني القرى
|
قرى طينها من رميم الطغاه
|
و تخضل حتى الصخور الضنينه
|
و يثمر حتى سراب الفلاه
|
مدينه
|
فاخرى فاخرى الى منتهاه
|
حديد حديد
|
و اقدامها العاريه
|
و خفق الفوانيس في المنجم
|
و اعماقه الرطبة الداجيه
|
كظل الردى فاغرات الفم
|
كبئر من الظلمة الطاميه
|
ستمتاح منها الوف القبور
|
و يهوي من الزعزع العاتيه
|
عمى من دجاها على كل نور
|
على النور من باب كوخ مضاء
|
ومن كوة في خيام الرعاء
|
ومن شرفة ظلها الياسمين
|
دعيني اقل انة البلبل
|
وان الذي لاح ليس الصباح
|
على النور من موقد السامرين
|
ومن مدرج بالسنا يغسل
|
على كل نور تذر الرياح
|
ظلال الطواغيت في المنجم
|
كناعورة لاغتراف الدم
|
تذر الرياح الرياح الرياح
|
أراجيح في الملعب المظلم
|
وخفق الفوانيس والأنجم
|
وخفق الخطى والأكف الصغار
|
وخفق الفراشات مر النهار
|
عليها بفانوسه المعتم
|
فمن يملأ الدار عند الغروب
|
بدفء الضحى واخضلال السهوب
|
رصاص حديد رصاص حديد
|
وآهات ثكلى وطفل شريد
|
ومن يفهم الأرض أن الصغار
|
يضيقون بالحفرة الباردة
|
اذا استترلوها وشط المزار
|
فمن يتبع الغيمة الشارده
|
ويلهو بلقط المحار
|
ويعدو على ضفة الجدول
|
ويسطو على العش والبلبل
|
ومن يتهجى طوال النهار
|
ومن يلثع الراء في المكتب
|
ومن يرتمي فوق صدر الأب
|
اذا عاد من كده المتعب
|
ومن يؤنس الأم في كل دار
|
أسى موجع أن يموت الصغار
|
أسى ذقت منه الدموع الدموع
|
أجاجا ومثل اللظى في الفم
|
وأحسست فيه اشتعال الدم
|
بعيني من نازفات الضلوع
|
عويل من القرية النائية
|
وشيخ ينادي فتاه الغريق
|
بهذا الطريق وذاك الطريق
|
ويسعى الى الضفة الخالية
|
يسائل عنه المياه
|
ويصرخ بالنهر يدعو فتاه
|
ومصاباحه الشاحب
|
يغني سدى زيته الناضب
|
محال تراه
|
ويحتو على الصفحة القاتمه
|
يحدق في لهفة عارمه
|
فما صادفت مقلتاه
|
سوى وجهه المكفهر الحزين
|
ترجرجه رعشة في المياه
|
تغمغم لا لن تراه
|
حديد عتيق ورعب جديد
|
حديد
|
رصاص
|
لأن الطغاه
|
يريدون ألا تتم الحياه
|
مداها وألا يحس العبيد
|
بأن الرغيف الذي يأكلون
|
أمر من العلقم
|
وأن الشراب الذي يشربون
|
أجاج بطعم الدم
|
وأن الحياه الحياه انعتاق
|
وأن ينكروا ما تراه العيون
|
فلا بيدر في سهول العراق
|
ولا صبية في الضحى يلعبون
|
ولا همس طاحونه من بعيد
|
ولا يطرق الباب ساعي البريد
|
يبشرى ولا مترل
|
يضيء الدجى منه نور وحيد
|
سخي كما استضحك الجدول
|
ولا هدهدات ولا جلجل
|
يرن بساق الوليد
|
وبين الربى في رقاب الجداء
|
ولا وسوس الشاي فوق الصلاء
|
ولا قصة في ليالي الشتاء
|
لأن الطواغيت لا يسمعون
|
صداح العصافير في المغرب
|
كما صلصل الفضة القامرون
|
ولا زفة السنبل المذهب
|
لأن الطواغيت لا يحلمون
|
بغير المبيعات والأسهم
|
ان الطواغيت لا يسمعون
|
سوى رنة الفلس والدرهم
|
لأن الطواغيت لا يبصرون
|
على الشاطىء الأسيوي البعيد
|
سوى أن سوقا يباع الحديد
|
وتستهلك الريح والنار فيها
|
تدر العطايا على فاتحيها
|
بأقدام أطفالنا العاريه
|
يمينا وبالخبز والعافيه
|
اذا لم نعفر جباه الطغاه
|
على هذه الأرجل الحافيه
|
وأنلم نذوب رصاص الغزاه
|
حروفا هي الأنجم الهاديه
|
فمنهن في كل دار كتاب
|
ينادي ففي واصدأي يا حراب
|
وأن لم نضو القرى الداجيه
|
ولم نخرس الفوهات الغضاب
|
ونجل المغيرين عن آسيه
|
فلا ذكرتنا بغير السباب
|
أواللعن أجيالنا الآتيه
|
سلام على العالم الأرحب
|
على الحقل والدار والمكتب
|
على معمل للدمى والنسيج
|
على العش والطائر الأزغب
|
على التوت وسنان فيه الأريج
|
ووقح المجاديف في المغرب
|
على زهرة في وساد العروس
|
على صبية في انتظار الأب
|
على شاعر تستحم الشموس
|
بعينيه يصغي الى جندب
|
سلام على العالم الأرحب
|
سلام على الكنج فاض النعيم
|
ورنت أغاريد في ضفتيه
|
قرى من سنا عاصرات عليه
|
عناقيد من ضوئهن العظيم
|
سلام على الصين والحاصدين
|
وصياد أسماكها الأسمر
|
وما أنبتت من دم الثائرين
|
وما افتر في البيرق الأحمر
|
على صبية في قراها البعاد
|
وفي ظل تفاحها المزهر
|
وما جررت في ليالي الحصاد
|
ثيان العذراى على البيدر
|
سلام لأن الربيع
|
يمر بودياننا كل عام
|
وما زال قوس الغمام
|
ولولا الذي كدسوا من نضار
|
به يستضيئون دون النهار
|
تجوع الملايين عن جانبيه
|
وينحط في كل يوم عليه
|
دم من عروق الورى أو نثار
|
كذر الغبار
|
لما هزت الأمهات المهود
|
على هوة من ظلام اللحود
|
ولم تذرف الدمع عبر البحار
|
وعبر الصحارى نساء الجنود
|
ولم يرفع الزراع الأشيب
|
الى مقلتيه اليد الراجفه
|
يحدق في عتمة العاصفه
|
ويصغي وفي روعه القاصفه
|
ولم يبك صرعى بنيه الأب
|
جزوعا بأن يثكل الآخرين
|
ولا شردت نومة العاشقين
|
كوابيس من أعين الهالكين
|
وارنان صفارة تنعب
|
وغى فاستفاقوا ولا كوكب
|
ولا لمعة من سراج تبين
|
سوى قعقعات السلاح
|
وعصف الرياح
|
ولا ساءل الأم طفل غرير
|
ألا بلدة ليس فيها سماء
|
فلا قاذفات المنايا تغير
|
ولا من شظايا تسد الفضاء
|
ولا اختض في الصرصر اللاجئون
|
ولألاء يافا تراه العيون
|
وقد حال من دونه الغاصبون
|
بما أشرعوا من عطاش الحراب
|
وما استأجروا من شهود كذاب
|
وما صفحوا بالردى من حصون
|
سلام على العالم الأرحب
|
على مشرق منه أو مغرب
|
سلام لآفون لروى عروق
|
شكسبير والزهر والداليه
|
أفق شاعر النور أن الشروق
|
تهدده غيمة داجيه
|
سعى مكبث تحتها في احتراس
|
لقتل النعاس
|
لقتل النعاس البريء
|
سلام لباريس روبسبيي
|
والوار والغابة الحالمه
|
وعشاقها في المساء الأخير
|
تذريهم قوة ظالمه
|
كدوامة من رياح السعير
|
على تونس من لظاها ظلال
|
وحول الرباط المدمى هدير
|
وفي جيرة الصين حل انخذال
|
بقطعانها الفظة الضارية
|
لك المجد يا أسيه
|
سلام لفينيس والكرنفال
|
وأضوائه الثرة الزاهيه
|
وهمس المحبين بين الظلال
|
وفي دفء قمرائه الضاحيه
|
عصافير أم صبية تمرح
|
أم الماء من صخرة ينضح
|
وأقدامها العاريه
|
مصابيح ملء الدجى تلمح
|
هتكنا بها مكمن الطاغيه
|
وظلماء أو جاره الباليه
|
علينا لها أنها الباقيه
|
وأن الدواليب في كل عيد
|
سترقى بها الريح جذلى تدور
|
ونرقى بها من ظلام العصور
|
الى عالم كل ما فيه نور
|
رصاص رصاص رصاص حديد
|
حديد عتيق
|
لكون جديد |