تمرَّستَ " بالأولى " فكنتَ المُغامِرا |
وفكَّرتَ " بالأخرى " فكنتَ المُجاهِرا
|
وفضَّلتَ عيشاً بين تلك وهذه |
به كنتَ ، بل لولاهُ ، ما كنتَ شاعرا
|
وما الشِّعرُ إلاَّ ما تفتَّقَ نُورهُ |
عن الذهنِ مشبوباً ، عن الفكر حائرا
|
عن النفس جاشت فاستجاشت بفيضها |
عن القلبِ مرتجَّ العواطفِ زاخراً
|
وما زجَّ في شتَّى المَهاوي بربِّه |
وقحَّمهُ " النَهجينِ " قصداً ، وجائرا
|
وما هو بالحبلِ الذي رُحتَ مرغِماً |
" أوائلَه " أنْ تلتقي و " الأواخرا"
|
وكنتَ جريئاً حين يدعوكَ خاطرٌ |
مِن الفكر أن تدعو إليك المَخاطرا
|
على ثقةٍ أنْ لستَ في الناس واجداً |
على مِثله – إلاَّ القليلَ – مُناصراً
|
وكنتَ صريحاً في حياتكَ كلِّها |
وكانَ – ومازالَ – المصارِحُ نادراً
|
فانْ شابَها ما لم تجدْ عنه نُدحةً |
شَفَعْتَ به حُكم الظروف مُسايرا
|
فقد كنتَ عن وحي الضرورةِ ناطقاً |
وقد كنتَ عن محضِ الطبيعة صادراً
|
وقد كنتَ في تلك " الأماديحِ " شاتماً |
محيطاً " بأربابِ " القرائحِ كافرا
|
وإلاَّ فأنتَ المانعُ الصُغرِ " عن يدٍ |
أبتْ أنْ تُحلَّى في الجِنان أساورا"
|
وإنَّكَ أنقى من نُفوسِ خبيثةٍ |
تُراوِدُ بالصَّمت المريبِ المَناكرا
|
تَعيبُ على الشِّعرِ التَّحايا رقيقةً |
وتلثُم من " بغلٍ هجينٍ " حوافرا
|
تُريدُ القوافي المؤنساتِ غفيفةً |
وقد أشغرتْ – للفاحشاتِ – الضمائرا
|
وتُنكر أنْ يُستنشقَ الشعرُ " نفحةً " |
وقد فَغرتْ أشداقَها والمناخرا
|
وتطوي على " أُمِّ الدَّنايا " مَباطناً |
وتُلقي عليها من إباءٍ مظاهرا
|
كما أسدلتْ ليلاً " هلوكٌ " مُلحَّةٌ |
على مخدعِ العُهرِ الحريرَ ستائرا
|
من العارِ أنْ نرضى التذبذبَ صامتاً |
دنيئاً ، خبيثاً ، والغاً ، متصاغرا
|
على حينَ نأبى أن تحرِّكَ شاعراً |
ضرورةُ حالٍ بدَّلَتْ منه خاطرا
|
وإنيّ إذْ أُهدي إليكَ تحيَّتي |
أهزُّ بكَ الجْيلَ العَقوقَ المُعاصِرا
|
أهزُّ بكَ الجيلَ الذي لا تهزُّه |
نوابغُه ، حتى تزورَ المقابرا |