حيِّ الصفوفَ لرأبِ الصدعِ تجتمعُ |
وحيِّ صرخةَ أيقاظٍ بمن هجعوا
|
إنَّ الشبابَ جنودَ اللهِ ألَّفهمْ |
في " الشامِ " داعٍ من الأوطانِ مُتَّبع
|
مَشوا على خَطوهِ تنحطُّ أرجلُهمْ |
كما اشتهى " المثلُ الأعلى " وتَرتفع
|
" دِمَشقُ " لم يُبق منكِ الدهرُ باقيةً |
إلاّ الذي في توَقي غيرِه ضَرَع
|
ولو أردتُ بكِ التقريع عن مِقَةٍ |
لقلتُ : أنفُكِ رغمَ العزِّ مُجتدع
|
فما انتظارُكِ مَيْتاً لا ضميرَ لهُ |
حزماً فلا الخوفُ ذو شأنٍ ولا الطمع
|
نُبِّئتُ في " الغُوطةِ " الغنّاءِ عاصفةٌ |
تكادُ تجتثُّ ما فيها وتَقتلع
|
مرَّتْ على " بردى " فالتاثَ مَوردهُ |
وبالغياضِ فلا حُسنٌ ولا مَرَع
|
فقلتُ : لاضيرَ إنْ كانت عجاجتُها |
عن غضبةِ البلدِ المسلوبِ تنقشع
|
وهل سوى مُتَعٍ زالتْ ستخلِفُها |
مُخَّلداتٍ . حِساناً . خُرَّداً . مُتَع
|
أمَّ البلادِ التي ما ضيِم نازِلُها |
يوماً . ولم يَدْنُ منها العارُ والهَلع
|
محميَّةً بالأصمِّ الفردِ تحرُسُه |
غُلْبُ الرِّجالِ على الآجالِ تقترع
|
مثلَ " النسورِ " إذا ما حلَّقوا رهبوا |
والموتُ ملءُ خوافيهم إذا وقعوا
|
الحاسِرونَ كنبعِ السروةِ احتفَلوا |
بالنازلاتِ فلا التاثوا . ولا ادَّرعوا
|
والرابضونَ كآسادِ الشرى فاذا |
هِيجوا رأيتَ المنايا كيف تندفع
|
لا ينطقونَ الخّنا حتى إذا اقتَتلوا |
فمنطِقُ الفتكِ منهم منطقٌ قَذَع
|
دِمَشقُ يا " أمُّ " إنَّ الرأيَ مُحتَفلٌ |
والعزمَ مُحتتشَدٌ . والوقتَ مُتسِع
|
قولي يُجبْ شاحِنُ الأضلاعِ مرتقِبٌ |
واستصرخي ينتفضْ غَيرانُ مُستمع
|
وأجمعي الأمرَ .. نُجمِعْ لا يُفرِّقنا |
أأنتِ .. أمْ نحنُ فيما ينبغي تَبع
|
وطوعَ أمركِ أجنادٌ مجنَّدةٌ |
إلى " العُروبِة " بعد اللهِ تنقطع
|
يُغنيكِ عن وصف ما يَلقونَ أنهمُ |
خوفاً عليكِ ، ولمَّا تُفجعي ، فُجعوا
|
وقد يكونُ قريباً أنْ ترى " حلبٌ " |
خيلَ العراقِ قُبيلَ النجعِ تنتجع
|
"قُبّاً " شوازبُ لا تُلوى شكائمُها |
ولا يرينُ على " تقريبه " الضلَع
|
ثقي " دِمَشقُ " فلا حدٌّ ولا سِمةٌ |
ولا خطوطٌ – كلعبِ الطفلِ – تُبتدع
|
تُقصيكِ عن أرضِ بغدادٍ ودجلتها |
أمَّا الفراتُ فنبعٌ بيننا شَرع
|
إذا " الجزيرةُ " روَّت منه غُلَّتها |
روَّى الغليلَ الفراتيونَ وانتقعوا
|
جرى على الكأسِ والأنباءُ مُفجِعةٌ |
دمعٌ هو القلبُ نحوَ العينِ يَندفع
|
وارتاحَ للبثِّ " خِدنٌ " كادَ يَخنقه |
ذكرى " دمشقَ " وما تلقى وما يَقع
|
فقلتُ : ليتَ " فرنسا " ها هُنا لترى |
كيف القلوبُ على الأرزاءِ تَجتَمع
|
هذي مباهجُ " بغدادٍ " ونشوتُها |
وجداً عليكِ . فكيف الحزنُ والهلع
|
دارتْ دمشقُ بما اسطاعتْ فما قدرت |
على سياسةِ خبّ داؤها الجشَع
|
كانت " أناةٌ " فلم تَنجع .. ولا جنَفٌ |
وكانَ ريثٌ فلم ينفعْ .. ولا سرَع
|
بعدَ الثلاثينَ عاماً وهي رازحةٌ |
حسرى .. تطلَّعُ للماضي وترتجع
|
كانت محافِلُ " باريسٍ " لها سنَداً |
واليومَ منها يحين الحَينُ والفزع
|
" اليومَ " ضاقتْ بشكواها وآهتِها |
و " أمسِ "كانت على " عثمانَ " تتسع
|
حتى كأنْ لم يكنْ للعُربِ مطَّلبٌ |
ولا استقلَّ بحملِ القومِ مضطلِع
|
ولا مشتْ " بُرُدٌ " والموتُ يحملها |
ولا سعتْ " رُسلٌ " والموتُ يتَّبع
|
ولا المشانقُ في أعوادِها ثمرٌ |
غضٌّ منَ الوطنِ المفجوعِ يُقْتطع
|
لئن تكن خُدَعٌ ساءتْ عواقبها |
فكم أنارتْ طريقاً مُظلِماً خُدَع
|
كانتْ دُروساً لسوريا وجيرتِها |
من فرطِ ما طبَّقوها فيهمُ برعوا
|
يا ثورةً قرَّبَ الظلمُ اللِّقاحَ بها |
سيلمسُ المتجِّني شرَّ ما تضع
|
قالوا : السياسةُ شرعٌ ما به نصفٌ |
فهل تكونُ جنوناً ما به وَرَع ..؟
|
وهل يُريدونَ بعدَ اليومِ تجربةً |
وفي تذكُّرِ ما قد فاتَ مُرتَدَع
|
قلبَ العُروبةِ هل بُشرى نُسرُّ بها |
أنَّ " السُّويداءَ " بُرْءٌ ما به وجع
|
و " اللاذقيةُ " هل " ربٌّ " يقوم بها |
أم ربُّها العَلمُ المحبوبُ يرتفع
|
وفي " الجزيرةِ " هل زالت وساوسُها |
وهل توَّحدتِ الآراءُ والشِّيَع
|
يا " جنَّةَ الخُلدِ " لو لم يؤذِ نازلها |
ضيفٌ ثقيلٌ عليها ، وجهُه بَشع
|
بادي المخالبِ " وحشٌ " لم يلدهُ أبٌ |
لكنَّه في ديارِ الغربِ مُختَرَع
|
" دمَشقُ " إنَّ معي قلباً أضيقُ به |
يكادُ من خلجاتِ الشوقِ ينخلع
|
جمَّ النزيِّ .. إلى مغناكِ مُتَّجهٌ |
كأنه من رُباكِ الخُضْرِ مُنتزَع
|
ناغي خيالُكِ " أطفالي " فيقظتُهم |
ذكرى ، وطيفُكِ مغناهم إذا هجعوا
|
" فراتُ " أشبهُ كلِّ الناسِ بي ولعاً |
فيما أُحِبُّ .. تبنَّاهُ بكِ الوَلع |