هتفوا فأسنَدَتِ اليدانِ ضلوعي |
وشَرِقتُ بالحسراتِ قبلَ دُموعي
|
وأصَخْتُ سَمعاً للنُعاة وليتنَني |
من أجل يومِكَ كنتُ غيرَ سميع
|
قالوا تماثلَ للشِفاء بِشارةً |
سَكَنت لها روحي وأُفرِخَ رُوعي
|
وحَمِدْتُ أن المجدَ غيرَ مبُاحةٍ |
ساحاتُه والبيتُ غيرَ صَديع
|
حتى إذا طارَتْ بأجنحة الهنَا |
والبشرِ نفسُ مُغرَّرٍ مخدوع
|
أبَتِ القوارِعُ أن تُميلَ طريقَها |
عني فعدت لسِنِّيَ المقروع
|
خلعَ الرجاءَ وحل يأسٌ عابسٌ |
جهمٌ مَحِلَّ مُنافسٍ مَخلوع
|
وتقهقرَتْ زُمَرُ الأماني وانجَلَتْ |
عَرَصاتُها عن مُثخَنٍ وصَريع
|
فإذا بآمالي وما خادعنَنَي |
كمؤمِّلٍ سَفَهاً سرابَ بَقيع
|
وإذا بقلبي يستفيضُ نجيعُه |
وإذا بعيني تَستَقي بنجيع
|
كنا نشكِّكُ في البُكاء وصدِقِه |
إذ كانَ أكثرهُ بغيرِ شَفيع
|
ونَرىَ الصيانَةَ للدمُوع رجُولةً |
حتى يُرَ ى سببٌ إلى التضييع
|
فالآنّ تصدُق دمعةُ الباكي إذا |
نَزَلتْ عليك وأنَّةُ الموجوع
|
والآنَ ينزِل كلُّ طالبِ حاجةٍ |
في قفرةٍ ليست بذاتِ زُروع
|
والآنَ تفتَقِدُ البلادُ مُحنَّكاً |
يُحتاجُ في التنفيذِ والتشريع
|
والآن تَلتَمسُ العيونُ فلا ترى |
أثراً لوجهٍ رائعٍ ومُريع
|
يا قبرُ من لم يَمتَهِنْ بضَراعةٍ |
باد عليك تضرُّعي وخُشُوعي
|
يا بدرَ داجيةِ الخطوبِ ونورِها |
أعزِزْ بانَّكَ غبتَ لا لِطلوع
|
خلّفتَ بغداداً عليك حزينةً |
تستقبِلُ الدنيا بوجهِ هَلوع
|
تتجاوبُ الأسلاكُ في جَنبَاتها |
بوميضِ بَرقٍ للنَعِيِّ سَريع
|
ضَغَطَت هُنا كفٌّ على أزراره |
تُنبي بخطبٍ في العراقِ فَظيع
|
شَكَتِ السياسةُ فقدَ مُضطلِعٍ بها |
فذٍّ بحلِّ المُشكلات ضَليع
|
والساسةُ الاقطابُ بعدَك أعوَلَت |
عن فقدِ فوّام بهم وقَريع
|
مارستُ أصنافَ الرجال درايةً |
من تابعٍ منهم ومن مَتبوع
|
ونفَدتُ للأعماقِ من أطباعهم |
إذ كنتُ بالأشكال غير قَنوع
|
فاخترتُ لي من بينهم مجموعةً |
ووجدتُك المختارَ في المَجموع
|
لله درُّك من بِناء طبيعةٍ |
من كلِّ أجزاءِ العُلا مصنوع
|
مستشرفٍ يُعشِي العيونَ شُعاعُه |
مُوفٍ على من رامَه مَرفوع
|
كنتَ الشُّجاعَ طبيعةً وسجيةً |
إذ ينهضُ الجبناءُ بالتشجيع
|
كنتَ المقيمَ على التجارِبِ رأيَه |
ويقيمهُ غِرٌ على المَسموع
|
كنتَ الرزين إذا الحلُوم تطايَرتْ |
وأُعيرَ أهل الصبرِ ثوبَ جَزوع
|
واذا الخطوبُ استحكَمَتْ حلقاتُها |
شنعاءُ تحصِب من تَرى بشنَيع َ
|
كنت السَميذَعَ تنجلي بشُداته |
ظلُماتُ مُسودِّ الرُواق هزيع
|
صَقْرٌ يضيق مَطارُه بجناحه |
حتى يخالُ الجوَّ غيرَ وسيع
|
متفرِّدٌ يربو على أقرانه |
باعزِّ سَمتٍ في السماءِ رَفيع
|
ردَّتْ مخالبَها إليه فردَّها |
حُمْراً مُقلَّمةً من التقريع
|
نصَبَ القضاءُ لصيده أشراكَه |
فهَوَى وكلُّ محلِّقٍ لوُقوع
|
البيت بيتي أُسرِجتْ ساحاتُه |
بشموعِ ممتدِحيه لا بشموعي
|
فإذا أسِيت فحرقةٌ لقبيلةٍ |
نكِبَت بأسيافٍ لها ودُروع
|
أين المصبيحُ الذين كأنهم |
زُهْرُ النجوم بغَيبة وطُلوع
|
من كل رَكّاضٍ إلى غاياتِه |
رَسْلاً بسرّ حدوده مدفوع
|
ومُفوَّهٍ كالفحل عند هديره |
فَذِّ البيان يفيضُ من يُنبوع
|
هذي القُبور قصيدةٌ مفجوعةٌ |
غنيِت قوافيها عن التقطيع
|
لم ترمِ بي قَدَمي هنا إلاّ جَرَت |
من ذِكرياتِ السالفينَ دموعي
|
وكأنني بشخوصهم في مَحضرٍ |
دانٍ ، بعيدٍ ، سائغٍ ، ممنوع
|
شيئانِ تفتقرُ البلادُ إليهما |
خِصبُ الرجال بها وخِصْبُ ربيع
|
ملك الجميع حياة فذٍّ واحِدٍ |
كان المصابُ به مُصابَ جميع |