عفواً إذا خانني شعري وتبِاني |
فلُطفُكُم لا أوفِّيهِ بشُكْرانِ
|
وقد يُهوِّنُ عند المرء زلتَه |
إحساسُه أنه ما بينَ إخوان
|
غطارفَ الحلةِ الفيحاءِ أنكُمُ |
في كل مَكرمُةٍ فِرسانُ ميدان
|
وليس إحسانُكمُ نحوي بمبتَدعٍ |
هنا منابتُ ألطافٍ وإحسان
|
للعُرْبِ سفرُ نقاباتٍ مُضيَّعةٍ |
باقٍ لديكم عليه خيرُ عُنوان
|
ملامحٌ عرَبيّاتٌ مُخبِّرةٌ |
بأنكُم خيرُ منسوبٍ لقَحطان
|
أتيتُ ربةَ أشعاري أُناشدُها |
عَوناً على الشعر أو صَفحاً عن الجاني
|
ورُحتُ منها على وَعدٍ بمغفرة |
إنْ لم يُسدِّدْ خطايَ اليومَ شيطاني
|
وجئتُ مَحفِلَكُم أمشي على ثقةٍ |
من ربّةِ الشعر عندي صَكُ غُفران
|
أبناءَ بابل للأشعار عندَكُمُ |
عِمارةٌ لم يشيَّدْ مثلَها بانِ
|
ودولةٌ برجال الشعر زاهرةٌ |
معمورةٌ بمقاطيعٍ وأوزان
|
أقمتمُوها عُصوراً في رعايتِكم |
لم تَخلُ من آمرٍ منكُم وسُلطان
|
طوعَ الأكُفِّ دواوينٌ مشهَّرة |
وفي الزوايا مُضاعٌ ألفُ ديوان
|
هنا نَمَتْ عذَبَاتُ الشعر وارفةً |
غصونُها قبل سوريّا ولُبنان
|
وعنكُمُ أخَذَتْ مِصرٌ مساهِمةً |
في مُعجِبٍ من طريف القول فَينْان
|
ومن شعور الفراتِينَ قد نَهِلَت |
أرضُ العراق وعبَّتْ أرضُ بَغدان
|
لكنني مستميحٌ عفوَكم كَرَماً |
اذا عَتَبتُ عليكم عَتْبَ غضبان
|
وان نَكِرتُ عليكم سيرَ متَّئدٍ |
وان طَلَبتُ اليكم سيرَ عَجلان
|
وإن أردت لكم شِعراً يُجَسُّ به |
نَبْضُ السياسةِ من آنٍ إلى آن
|
يكون منها بمرصادٍ يقابلها |
وجهاً لوجهٍ على حدٍ وميزان
|
وفي العواطف أمواهٌ مُرَقْرَقَةٌ |
وتارةً هو تسعيرٌ لنيران
|
شعراً تُعالَج أبوابُ الحياة به |
يكونُ عن كل ما فيها كإعلان
|
نَسَجتُمُ بُردةً للشعر ضافية |
أتقنتُمُ لُحمَتَيها أيَّ إِتقان
|
ماشتْ عصوراً طِوالاً وهي زاهيةٌ |
نُوراً لملك وتزييناً لتيجان
|
ولو أردَتُم لكانَتْ زينةً لكُمُ |
بها يُفاخَرُ ماكرَّ الجديدان
|
أتاكُمُ عالَم ثانٍ فكانَ لكم |
أن تُبرزوها بشكل مُونِقٍ ثان
|
وكان يكفيكُمُ حِفظاً لرَونقِها |
أنْ تأخذوها بأصباغٍ وألوان
|
لا أدَّعي أنني أولَى بتَكرِمةٍ |
وأنني فوقَ أصحابي وأقراني
|
ولا أُعرضُ اني طائشٌ فرحاً |
وان تَذكَّرتمُوني بعد نِسيان
|
لكنما سرَّني أن الفراتَ به |
يُقامُ أولُ تكريمٍ لفنّان
|
ناشدتُكم بالحَمِيّات التي دفعت |
بكم لذكرِيَ والإِعلاءُ من شاني
|
وبالمزايا الفُراتِيّات هذَّبها |
جورُ الطُغاةِ وكم فضلٍ لطُغيان
|
ألا اجتهَدْتُم بأن لا تتركوا لَبِقاً |
أو نابغاً عبقرياً طيَّ كتمان
|
قد يَبعَثُ الشاعرَ الحَساسَ مزدهراً |
تقديرُ عاطفةٍ منه ووجدان
|
وقد تَبوخُ على الأهمال مَوهِبةٌ |
لو أُلْهِبَت لرأيتُم أيَّ بَركان
|
أنا الدليلُ على قَولٍ أردتُ به |
أن لا يكونَ له غَيري كبُرهان
|
تناوشتْني من الأطراف ناهشةً |
لحمي عصابةُ أضباع وذُؤبان
|
كالتْ ليَ الشَتْمَ ما شاءَت مكارمُها |
سمحاءَ من دون تطفيف ونُقصان
|
وحسبُكُم وعليكُمْ شرحُ مُجمَله |
أن لم يكن شتمُ إنسانٍ لإنسان
|
وان صَدَقتُ فما للقوم من غَرَضٍ |
إلا إماتةُ حِسٍ فيَّ يقظان
|
ولم أجدْ ما يُنَسَّيني مَضاضتَها |
إلا عواطفَ خُلاّنٍ وخُلْصان
|
وانني إنْ رَمَتْني أعينٌ خُزُرٌ |
فانَّ أعينَكُم باللطفِ تَرعاني
|
في الشعر شَحْذٌ لعَزْماتٍ ومُحتَسَبٌ |
لطارئآتٍ وترويضٌ لأذهان
|
خذوا بما ضمَّت " الفيحاءُ " من غُرَرٍ |
مْخَلَّداتٍ وما ضَمَّ " الغَرِيّان "
|
ونوِّهوا باسمِ أهليها لتَسمَعَهم |
- ولو على الرغم منها – صُمُّ آذان
|
ودَرِّسوا نشْكم من شِعرِهم قِطَعاً |
مُصوِّراتٍ لأفراحٍ وأحزان
|
هنا بـ " بابلَ " قام الفنُّ تُسنِدُه |
حضارةُ المُلكِ من أزمانِ ازمان
|
هنا مَشَى الفذُّ " بانيبالُ " مُزدَهياً |
في موكِبٍ بغُواةِ الفنِ مُزدان
|
تَرجَّلَ المُلْكُ إكراماً له ومَشَتْ |
خواشعاً – ساسةٌ غُرٌّ – كرُهبان
|
مُقَدِّرين من النحّات موهبةً |
هي النُبُوّةُ من وحيٍ وإيمان
|
من هاهنا كان تحضيرٌ لأنظمةٍ |
في المشرِقَينِ وتمهيدٌ لأديان
|
تشريعُ بابلَ هزَّ الناسَ روعتُه |
من قبلِ أن يعرِفوا تشريعَ يونان
|
للآنَ يُحتاجُ في إصلاحِ مملكةٍ |
نظامُ دولةِ آشورٍ وكِلدان
|
هنا " حمورابِ" سنَّ العدلَ معتمداً |
به على حفظِ أفراد وعمران
|
شكراً جزيلاً لأفواهٍ تُعطِّرُني |
بكل مُمتْدَحِ الأسلوبِ حَسّان
|
رّيانةً بمُذابِ العاطفاتِ أتَتْ |
تسعى لقلبٍ من الإخلاص رَيان
|
ولو تمكَّنتُ قدَّمتُ الفؤادَ لكم |
لكنَّ تقديمَ إحساسي بإِمكاني |