أكْبَرْتُ ميسورَ حالٍ أستشِفُّ بها |
إذ لم يكن ما أُرجّيهِ بميسورِ
|
وقد رَضِيت بكِنٍّ أستكِنُّ به |
ناءٍ عن العالَمِ المنحطِّ مهجور
|
ورُحْتُ رغَم جحودٍ عامدٍ أشرٍ |
للحظِّ أُرجِعُ حالي والمقادير
|
تعلةً لم يكنْ لي من تَخَيُّلِها |
بُدٌّ وكم خودِعَت نفسٌ بتبرير
|
ما زالتِ المدُنُ النكراءُ تُوحِشُني |
حتى اتُّهِمْتُ بإحساسي وتفكيري
|
ذَمَمْتُ منها محيطاً لا يلائمني |
صعْبَ التقاليدِ مذمومَ الأساطير
|
حتى نزلتُ على غنّاءَ وارفةٍ |
بكل مرتجف الأطيافِ مسحور
|
أهدَى ليَ الريفُ من ألطاف جنّتِه |
عرائشاً أزعجتها وحشةُ الدور
|
طافت عليَّ فلم تنكِرْ مسامرتي |
ولم أرُعْها بإيحاشٍ وتنفير
|
كأنني ، والمروجُ الخضرُ تنفَحُني |
بالموحيات ، " ابنُ عمرانٍ " على الطور
|
تُلقي الهجيرَ بأنفاسي تُرقِّقُه |
لطفاً وتكسِرُ من عُنف الأعاصير
|
وتستبيك بحشدٍ من روائعها |
موفٍ على كلِّ منظومٍ ومنثور
|
وحيٌ يَجِلّ عن الألفاظ ما نشرت |
طلائعُ الفجرِ فيها من تباشير
|
كم في الطبيعة من معنى يُضيّعُه |
على القراطيس نقصٌ في التعابير
|
هنا الطبيعة ناجتني معبِّرةً |
عن حسنها بأغاريد العصافير
|
وبالحفيف من الأشجار منطلقاً |
عَبْر النسيم وفي نفحِ الأزاهير
|
ومنزلي عُشُّ صيداحٍ أقيِمَ على |
خضراءَ غارقةٍ في الظل والنور
|
هنا الخيالُ كصافي الجوِّ منطلقٌ |
صافي المُلاءَةِ ضحّاكُ الأسارير
|
وقد تفجَّر يُنبوعُ الجمالِ بها |
عن كل معنىً بديعِ القصدِ مأثور
|
حتى كأنّ عيونَ الشعر يُعوِزُها |
وصفُ الدقائقِ من هذي التصاوير
|
فما تُلِمُّ بها إلاّ مقاربةً |
ولا تحيطُ بها إلاّ بتقدير
|
وجدت ألْطَفَ ما كانت مخالطةً |
نقَّ الضفادع في لحن الشحارير
|
وقد بدا الحقلُ في أبهى مظاهره |
بساطَ نورٍ على الأرجاء منشور
|
وأرسل البدرُ طيفاً من أشعّتِه |
كان الضمينَ بإنياس الدياجير
|
واستضحك الشط من لئلاء طلعته |
كأنه قِطِعِاتٌ من قوارير
|
واسترقص القمرُ الروضَ الذي ضحكت |
ثغورُه عن أقاحٍ فيه ممطور |