ءلُقيتَ عُقيى الجهدِ والأتعابِ |
ونزلت خيرَ مَحلِةٍ وجَناب
|
ورَحلْتَ خير مُودَّع عن موطنٍ |
حاميتَ عنه ، وأُبتَ خيرَ إياب
|
ودفعتَ للدار الحصينةِ أمةً |
وقَفَتْ سياستُها على الأبواب
|
ولأنتَ خيرُ لسان صدقٍ ناطقٍ |
عنها إذا صَمَتَتْ ، وخيرَ كتاب
|
غابَ الاسود جِنيفُ سوفَ يَدوسُها |
أسدٌ تقدِّرُه أسودُ الغاب
|
رحْبُ الفؤادِ غداً تُجِلُّ مكانَهُ |
أربابُ أفئدةٍ هناك رِحاب
|
وهناك سوفَ تَرى النواظرُ مالئاً |
كرسيَّهُ قُطباً من الأقطاب
|
ملءَ العيون سماتُ أصيدَ طافحٍ |
عزماً ، وملءَ السمع فصلُ خِطاب
|
ومَلامحٌ مشبوبة هي وحدَها |
وكَفى ، دليلُ نجابةِ الأعراب
|
لله درُّك من خبير بارعٍ |
يَزِنُ الأمورَ بحكِمةٍ وصَواب
|
يُعَني بما تَلد الليالي حيطةً |
ويُعِدُّ للأيام الفَ حساب
|
متمكِّنٌ مما يريد يَنالهُ |
موفورُ جأشٍ هادئُ الأعصاب
|
يلتفُّ " كالدولاب " حول كوارثٍ |
حَشَدت عليه تدورُ كالدولاب
|
وإذا الشعوبُ تفاخَرَت بدُهاتها |
في فضِّ مشكلةٍ وحَلِّ صِعاب
|
جاء العراقَ مباهياً بسَمَيذَعٍ |
بادي المَهَابة رائعٍ جَذّاب
|
يُرضيك طول أناتهِ فاذا التوَى |
فهو القديرُ الفذُّ في الإغضاب
|
أملاعبَ الأرماح يومَ كريهةٍ |
في السلمِ أنتِ ملاعبُ الألباب.
|
أعجبِتُ منكِ بهمةٍ ورويَّةٍ |
وأقلُّ إعجابِ امريءٍ إعجابي
|
إن الذي سوّى دِماغَك خصَّة |
من كل نادرةٍ بخير نِصاب
|
لبّاسُ أطوار يَرىَ لتقلُّبِ الايام |
مُدَّخِراً سِفاطَ ثياب
|
يمشي إلى السر العميقِ بحيلةٍ |
أخفى وألطَ من مَدَبَّ شراب
|
يبدو بجِلبابٍ فانْ لم تَرضَه |
يَنْزَعْه مُنسلاً إلى جِلباب
|
قضت الظروفُ بما تُريد وغَُلِّبتْ |
آراءُ مجتمِع القُوى غلاّب
|
وعرفتَ كيف تَرى السياسةَ خطةً |
عربيةَ الأوصاف والألقاب
|
مشيَّتها عشراً وئيداً مشيها |
باللطفِ آونةً وبالإرهاب
|
وكشَفتَ كلَّ صحيفة مستورةٍ |
وتركتَها عُرْياً بغير نِقاب
|
وقتَلتَ أصناف الرجال درايةً |
من مستقيمٍ في خطاهُ وكابي
|
ومُعارِضٍ خَدَمَ البلادَ لغايةٍ |
شَرُفت وآخرَ خائنٍ كذاب
|
وكأنني بك إذ تقابلُ واحداً |
منهم ، تريه غفلةَ المتغابي
|
فاذا ادّعىَ ما ليس فيه أتيَتَه |
فيما تُريد، بمَحضَرٍ وكِتاب
|
لم تبقَ لولا فرطُ عزمِك ريبةٌ |
أن العراق يسير نحو تَباب
|
حتى وَقفْتَ به يمدُّ لهاتهُ |
تَعَباً من الأثقال والأوصاب
|
لا أدَّعي أنْ قد أتمَّ نموَّه |
من كان أمسِ بشكلِ طِفل حاب
|
فلَتِلك لبستْ بالبعيد منالُها |
عن كلِّ شَعب طامحٍ وثّاب
|
لكن أقولُ اريتَهُ مستقبَلا |
لا بالعَديم سَناً ولا الخلاّب
|
كالشُهد أوّلَ ما تذوَّقَه فمٌ |
ما زالَ بين لُهاه طعمُ الصاب
|
فاليوم هاهو ذا بظلِّك يحتَمِي |
مثلَ احتماءِ العَين بالأهداب
|
ان تشكُ ما قاسيتَ من إجهادةٍ |
أو تَلقَ ما لاقيت من أتعاب
|
فلقد طَلَبَتَ منالَ أمرٍ لم يكُنْ |
ليُنالَ إلا من رؤوس حِراب
|
اليومُ يومُ تَفاهمٍ بالرَغم مِن |
أني أحِبُّ تَطاحُنَ الأحزاب
|
وسياسةٍ سلبيةٍ لو أثمَرَتْ |
فيها نجحُ رغائبٍ وطِلاب
|
وخيانةٌ ان لا يقدِّرَ مخلِصٌ |
تدعو سياستُهُ إلى الإِضراب
|
لكن إذا لم تَبقَ إلا مِيتة |
أو أختُها فسياسةُ الإِيجاب
|
ما يأخذُ المصنوعُ حبلَ وريده |
ما بينَ ظُفْْرِ عدوِّهِ والناب
|
أني هززتُكَ بالقوافي قاصداً |
بكَ خدمةَ التاريخِ والآداب
|
لولا محيطٌ بِتُّ من نَزَعاته |
وتضارب الآراءِ كالمرتاب
|
أطنَبتُ في غصَصٍ لديَّ كثيرةٍ |
تبيانُها يدعو الى الإِطناب
|
لي حقُّ تمحيص الأمورِ كواحدٍ |
من سائر الشعراء والكُتاب
|
فاذا أصبَتُ فخَصْلةٌ محمودةٌ |
واذا زَلِلتُ فلستُ فاقدَ عاب
|
فلطالما حابَيتُ غير مصارحٍ |
ولطالما صارحتُ غير مُحابي
|
ولكم سَكَتُ فلا مصارحةٌ ولا |
تمويهةٌ ، وقبَعْتُ في أثوابي
|
أبغي المسائلَ محضةً ويعوُقني |
عن ذلكم ، سببٌ من الأسباب
|
وبلاءُ كلِّ مفكِّرٍ حزبيةٌ |
تُلقي على الآراء ألفَ حِجاب |