أيّها الملاح قم و اطو الشّراعا |
لم نطوي لجّة اللّيل سراعا
|
جدّف الآن بنا في هينة |
و جهة الشّاطئ سيرا و اتّباعا
|
فغدا يا صاحبي تأخذنا |
موجة الأيّام قذفا و اندفاعا
|
عبثا تقفو خطا الماضي الذي |
خلت أنّ البحر واراه ابتلاعا
|
لم يكن غير أويقات هوى |
وقفت عن دورة الدّهر انقطاعا
|
فتمهّل تسعد الرّوح بما |
وهمت أو تطرب النّفس سماعا
|
ودع اللّيلة تمضي إنّها |
لم تكن أوّل ما ولّى وضاعا
|
سوف يبدو الفجر في آثارها |
ثمّ يمضي في دواليك تباعا
|
هذه الأرض انتشت ممّا بها |
فغّفت تحلم بالخلد خداعا
|
قد طواها اللّيل حتى أوشكت |
من عميق الصّمت فيه أن تراعا
|
إنه الصّمت الذي في طيّه |
أسفر المجهول و المستور ذاعا
|
سمعت فيه هتاف المنتهى |
من وراء الغيب يقريها الوداعا
|
أيّها الأحياء غنّوا و اطربوا |
و انهبوا من غفلات الدّهر ساعا
|
آه ما أروعها من ليلة |
فاض في أرجائها السّحر و شاعا
|
نفخ الحبّ بها من روحه |
و رمى عن سرّها الخافي القناعا
|
و جلا من صور الحسن لنا |
عبقريّا لبق الفنّ صناعا
|
نفحات رقص البحر لها |
و هفا النّجم خفوقا و التماعا
|
و سرى من جانب الأرض صدى |
حرّك العشب حنانا و اليراعا
|
بعث الأحلام من هجتها |
كسرايا الطّير نفّرن ارتياعا
|
قمن بالشّاطئ من وادي الهوى |
بنشيد الحبّ يهتفن ابتداعا
|
أيّها الهاجر عزّ الملتقى |
وأذبت القلب صدّا و امتناعا
|
أدرك التائه في بحر الهوى |
قبل أن يقتله الموج صراعا
|
وارع في الدّنيا طريدا شاردا |
عنه ضاقت رقعة الأرض اتّساعا
|
ضلّ في اللّيل سراه ، و مضى |
لا يرى في أفق منه شعاعا
|
يجتوي اللاّفح من حرقته |
و عذاب يشعل الرّوح التياعا
|
و الأسى الخالد من ماض عفا |
و الهوى الثّائر في قلب تداعى
|
فاجعل البحر أمانا حوله |
و املأ السّهل سلاما و اليفاعا
|
و امسح الآن على آلامه |
بيد الرّفق التي تمحو الدّماعا
|
و قد الفلك إلى برّ الرّضى |
و انشر الحبّ على الفلك شراعا |