رُبَّ حُسْنٍ راعَنا ثم اسْتَوى |
غَدَقاً نَنْهَلُ منه ما نَشاءْ!
|
وإذا الحُسْنُ بدا مُقْتَرِساً |
فَسَيحْني رَاْسَهُ للشُّرفاءْ!
|
ذلك الحُسْنُ الذي يَرْنوا إلى |
نَجْدةِ الفَنِّ.. حُنُوَاً.. وعطاءْ..!
|
وهو يَحْبوه. وَيدْرِي أَنَّه |
سوف يَجْزِيهِ خلوداً وإعلاء!
|
***
|
أيُّها الحُسْنُ لقد أَثْملَتْني |
من يَفاعي. فأنا العاني الأَسيرْ!
|
وأنا الضَّارعُ. إن كرَّمْتَني |
ما أُبالِي كيف ما كانَ المَصِيرْ!
|
فإذا ما رُمْتَني مُسْتَعْبَداً.. |
عُفْتُ مَغْناكَ. وآثَرْتُ المَسِيرْ!
|
فأنا المُعْطِيكَ حُسْناً وسَناً |
وأنا الكاسيكَ تِبْراً وحَريرْ!
|
***
|
سوف يَبْكي الحُسْنُ. لو طال المَدَى |
وسيَبْقى الفَنُّ يَلْهو بالسِّنينْ!
|
يَتَحدَّاها .. فما تَلْوي به |
فهو في حُصْنٍ مِن الدَّهْرِ حَصِينْ!
|
وهو يَحْمي الحُسْنَ في ذُرْوَتِهِ |
حينما يَهْوي إلى السَّفْح الحَزينْ!
|
كانَ يَحْبوهُ فما ضَيَّعَهُ.. |
بل حَباهُ الخُلْدَ في السِّفْرِ الأَمِينْ!
|
***
|
فإذا بالنَّاسِ لا يَنْسُونَه |
حينما كان شِعاعاً ونَدى!
|
كيف يَنْسَوْنَ الذي كان شّذىً |
والذي كانَ عفافاً وهًدى؟!
|
فهو كالبلسم يَشفِي مُهَجاً |
شّفَّها البُؤْسُ. فكان الرَّغَدا!
|
واسْتَوى ما بَيْنَهم يُرْضى الهوى |
راشداً عَذْباً فما أَحْلى الصَّدى!
|
***
|
ولقد جَرَّبْتُ من أَطْهارِهِ |
ولقد جَرَّبْتُ من أَقْذارِهِ!
|
فّذا الحُسْنُ وَضِيءٌ في الذُّرى |
تَسْتَشِفُّ الرُّوحُ من أَسْرارهِ!
|
ليس يَطْوِي قَلْبَه إلاَّ على |
عِفَّةٍ تُقْصيهِ عن أّوْزارِهِ!
|
فهو لا يَخْشى الورى أَنْ يَهْتِكوا |
بِشَتِيتِ القَوْلِ عن أَسْتارهِ!
|
***
|
ما الذي يَخْشاهُ مِمَا اخْتَلَقوا |
وهو حُسْنٌ زانَه عَذْبُ الرُّواءْ؟!
|
يَزْدَهي بالطُّهْرِ لا يَخْدِشُهُ |
بَصَرٌ عَفٌ. شَغُوفٌ بالنَّقاءْ!
|
شّدَّ ما أَلْهَمني حُلْوَ الرُّؤى |
فَتَغَنَّيْتُ بما يَرْوي الظِّماءْ!
|
وتَطَلَّعْتُ فأَفْضَيْتُ إلى |
كَنَفٍ عالٍ بأَجْوازِ الفَضاءْ!
|
***
|
حاورَتْني فيه أَمْلاكٌ سَمَتْ |
وتَلاقَيْنَا.. فَنَحْنُ الخُلَصاءْ!
|
ههُنا الشِّعْرُ عَرِيقٌ سَيِّدٌ |
وهنا الفِتْنَةُ جَنْبَ الشُّعراءْ!
|
فِتْنَةٌ تَهْدي. وشِعْرٌ رائِعٌ |
بِمَعانيهِ. تَجِيٌّ للسَّماءْ!
|
يا لها من أُلْفَةٍ مَحْبُورَةٍ.. |
ليس فيها غَيْرُ مَنْحٍ وعَطاءْ!
|
***
|
عِشْتُ لا أَمْلِكُ إلاَّ قَلَماً |
ذَا مِدادٍ من دمٍ مُحْتَدِمِ!
|
وسَطَوراً سُطِّرَتْ مِن أَلَمِ |
يَدْفَعُ الرُّوحَ لأَعْلا القِمَم!
|
وشُوراً لم يَزلْ مَضْطَرِماً |
مِن يَفاعي.. راضِياً بالضَّرَمِ!
|
ولقد أَزْهُوا بِفِكْرٍ شامِخٍ |
مُسْتَنِيرٍ.. كاشِفٍ لِلظُّلَمِ!
|
***
|
حِينَما يَزْهُو الورى إلاَّ الأُلى |
عَشِقوا المَجْد بِطرْسٍ ويَراعْ!
|
فَهمُوا الصَّفْوَةُ لا تَرضى سِوى |
بِمَتاعٍ ليس يُشَرى ويُباعْ!
|
فهو مَجْدٌ وحُطامٌ خالِدٌ |
ليس يُغْنِيهِ ولا يُبْلى الضَّياعْ!
|
وأرى الدُّنْيا بِعَيْنَيْ شاعِرٍ |
من سباعٍ ضارِياتٍ.. وضِباعْ!
|
لَسْتُ من هذَيْنِ. لكِنْ طامِعٌ |
أَنْ أَرى في الحَلَكِ الرَّاجي شُعاعْ!
|
فَيُريني الدَّرْبَ سَمْتاً لاحِباً |
أَستَوى فيه مع الحقِّ. الشُّجاعْ!
|
أنا لا أَطْمَعُ إلاَّ في العُلاَ |
لم يَشُبْها مِن هَوى النَّفْسِ اتِّضاع!
|
فأنا المُسْفِرُ لا يَحْجُبَني |
كأُولي السُّوءِ. عن العَيْنِ قِناعْ!
|
***
|
إٍيهِ. يا تَوْأَمَ رُوحي إنَّني |
في سِبيلِ الحَقِّ لا أَخْشى الصِّراعْ!
|
أَلهميني. إنّّ إلْهامَكِ لي |
هو زّادِي. وهو لي نِعْمَ المتاعْ!
|
أَنْتِ رَوْضٌ وأنا الغَيْمَةُ في |
ذُرْوَةِ الجَوِّ.. حُنُوّاً. والْتِياعْ!
|
نَوِّلِيني لأُجازِيكِ هَوىً.. |
لا يُدانيهِ هَوىً.. قبل الوداع! |