تذكَّرتُ أيَّاماً مضَتْ ولَيالِيا؟! |
قَضَيْتُ بها كِفْلاً من العُمْرِ حالِيا!
|
تَملَّكْنَ منِّي نُهْيَتي وحَشاشَتِي |
وأَنْسَيْنَني ما كان عَذْباً وغالِيا!
|
وأَنْسَيْنَني حتى أُهَيْلي ومَعْشري |
فما عُدْتُ إلاَّ عاشِقا مُتَصابِيا!
|
وما عُدْتُ إلاَّ مُسْتَهِيماً بِخُرَّدٍ.. |
من الغِيدِ أَصْبَحْنَ الهوى المُتَفانِيا!
|
زَمانٌ تَوَّلىَّ ليتَهُ كانَ باقِياً.. |
ويا لَيْتَهُ كانَ الزَّمانَ المُوالِيا!
|
كَأَنِّي به كنْتُ المَلاكَ الذي ثَوى |
بِفِرْدَوْسِهِ يَرْجو الخُلودَ المُصافِيا!
|
فَلَمْ أَبْقَ مَخْلُوقاً مِن الأُنْسِ راجِياً |
حُطاماً ومَجْداً.. بل غَدَوتُ المُجافِيا!
|
كِلا اثْنَيْهِما كانا لَديَّ تَفاهَةً |
أَمامَ الهوى يُزْجِي إليَّ الأمانيا!
|
وكُنَّ حِساناً شامِخاتٍ بعزَّةٍ |
مِن الحُسْنِ ما يَخْتارُ إلاَّ العَواليا!
|
إذا اخْتَرْنَ لم يَخْتَرْنَ إلاَّ مُجَلِّياً |
وإلاَّ كَرِيمَا يَسْتَطِيبُ المجانيا!
|
له وَحْدَهُ أَلاؤُهُنَّ سَخِيَّةً |
تُضِيءُ حَوانِيهِ فَيُشْجِرَ المغانِيا!
|
بِشِعْرٍ إذا ما صاغَهُ جَوْهَراً |
فَآياتُهُ تروي القلوب الصواديا!
|
له القَوْلُ مِطْواعٌ كبِئْرٍ مُنَضَّر |
فَيُطرِبُ ألفاظاً. ويَسْمو مَعانيا!
|
وما ابْتَذَلَتْ مِنْهُنَّ قَطُّ خَرِيدةٌ |
ولا واصَلَتْ إلا الكَمِيَّ المباهيا!
|
* * *
|
وقُلْتُ لإحداهُنَ يَوْماً وقد رَنَتْ |
إليَّ بِشَوْقٍ يَسْتَرِقُّ الحَوانِيا!
|
أَلَيْسَ لِما تَطْوِينَه مِن نِهايةٍ |
تُخِيفُ. وتَطْوِي لِلْقُلوبِ العَوادِيا؟!
|
فقالتْ. وقد أَذْرَتْ دُمُوعاً سَخِينَةً |
تشِفُّ عن الحُبِّ الذي كانَ ضاريا!!
|
لقد كِدْتُ أَنْسى في هَواكَ كَرامَتِي |
وإنْ كانَ عَقْلي في الهوى كان هادِيا!
|
وإنْ كُنْتُ لم تَنْسَ العَفافَ فَصُنْتَني |
وآثَرْتَ مِنِّي عِفَّةً وتَدانِيا!
|
أراكَ كَروُحي بَلْ وأَغْلا مَكانَةً |
فكيف لِصادٍ أَنْ يَعافَ السَّواقِيا؟!
|
* * *
|
وَمَرَّتْ بِنا الأَيَّامُ ثم تَنكَّرَتْ |
فيا لحياةٍ تَسْتَطِيبُ المآسِيا!
|
تَرُدُّ بِها العاني إلى اللَّهْوِ عابِثاً |
وتَمْسَخُ مِن أَحرارِهِنَّ غَوانِيا!
|
* * *
|
…………… بعْدَ تَرَهُّبي |
وبَعْدَ اعْتِيادِي أَنْ أرى الرَّوْضَ ذاويا!
|
وقد عَرَفَتْ مِنِّي الذي كانَ حاضِراً |
كما عَرَفَتْ مِنِّي الذي كانَ ماضَيا!
|
تَأَنَّ.. فَما كُلُّ الحِسانِ كَمِثْلِها |
ودَعْ عَنْكَ أَيَّاماً مَضَيْنَ خَوالِيا!
|
فَإنَّ لك الحُسْنى لدَيَّ فَصافِني |
تُصافِ فُؤاداً مِنكِ يَرجو التَّلاقيا!
|
يَعيشُ زَماناً بالمُنى تَسْتَفِزُّهُ |
إِليكَ وتَرْضى في هَواكَ الدَّواهِيا!
|
عَرَفْتُ بِما لاقَيْتُ منها فَسَاءَنِي |
وما هي قد لاقَتْهُ. فارْتاحَ بالِيَا!
|
لقدْ رَثَّ مِنْها ما ازْدَهَتْ بِجَدِيدِهِ |
وقد نَدِمَتْ مِمَّا أَشابَ النَّواصِيا!
|
وقد بَلَغَتْ بالحُزْنِ أَقْصى مَجالِهِ |
وعادَتْ كَمِثْلِ الضَّلِّ يُدْمي المآقيا!
|
فَلا تَبْتَئِسْ. إِنِّي الوَفِيَّةُ في الهوى |
وإنِّي به أَدْرى. أَجْلى مَرائِيا..!
|
أُحِبُّكَ حتى ما أَراكَ سِوى الرُّؤى |
تَطِيبُ وتَحْلو أَيْنَما كُنْتَ ثاوِيا!
|
* * *
|
فقُلْتُ لها.. كُفِّي فَإِنِّي مُرَزَّأٌ |
فلَنْ أَسْتَوِي في مَرْبَع الحُبِّ ثانيا!
|
لَسَوْفَ سَتَسْلِين الهوى وسِفاهَهُ |
وسَوْفَ سَتَلْقِينَ الهوى عَنْكِ ساليا!
|
تَظُنِّينَ مِثْلي أَنَّ حُبَّكِ خالِدٌ |
وكلاَّ. فَمُذْ كانَ الهوى. كان فانِيا!
|
* * *
|
أدُنْيايَ ما أَحْلا الحَقِيقةَ في النُّهى |
وفي الحِسِّ. ما أَنْكى الخَيالَ المُداجِيا!
|
وقد كنْتُ –وَيْحي- شاعراً مُتنَكِّباً |
هُدايَ. فإِنْ عُوتبْتُ كنْتُ المُلاحيا!
|
أَرى واقِعي رَوْضاً فَأصْدِفُ سالِكاً |
قِفار خَيالٍ مُسْرِفٍ.. وفيافيا! |