وحياتي شَجَنٌ في شَجَنٍ |
ما لها في بُرْئِها من أَمَلِ!
|
فَكَأَنّي مدرج في كَفَنٍ |
وكأَنِّي غائِصٌ في وَحَلِ!
|
* * *
|
وَيْحَ نَفْسٍٍ لا تُحِسُّ الأَلَما |
يَنْخَرُ العَظْمَ. ولا تَخْشَى الرَّدِّي!
|
فَلَوْ أنَّ الدَّهْرَ شَبَّ الضَّرَما |
في حَناياها.. لأَعْياها التَّصَدِّي!
|
* * *
|
كم تَمَنَّيْتُ لِطَبْعي أن يَشِفَّا |
لِيرَى الحَقَّ.. ويَسْتَوْحي رُؤاهُ!
|
لم يُصِخْ له. وانْتأى عَدْلاً وصَرْفا |
وشَجاهُ الغَيُّ فاسْتَحْلى لُهاهُ!
|
* * *
|
ومضى يَرْكُضُ في اللَّيْلِ البَهيمْ |
في الدُّرُوبِ الغُلْفِ. لا تُفْضِي لِرُشْدِ!
|
يَصْطَفي من صَحْبِهِ العِلْجَ الزَّنِيمْ |
فهو في سِجْنٍ من اللَّهْوِ.. وقَيْدِ!
|
* * *
|
وأنا مِنْه بِهَمِّ مُوجِع |
حِيَنما يُكْشَفُ عن عَيْني الغِطاءْ!
|
وإذ أُسْدِلَ عادَتْ أَضْلُعي |
جَلْمَداً.. لا نَبْض فيه.. لا دِماءْ!
|
* * *
|
فَأَنا ما بَيْن نُورٍ وظَلامْ |
أَسْتَوي بَيْنَ حياةٍ ومَواتْ!
|
بَيْنَ بُغُضٍ يَتَلظىَّ.. وهُيامْ |
وأُجاجٍ لَيْسَ يَرْوِي.. وفُراتْ!
|
* * *
|
يا لنَفْسٍ ما لَها مِن مَطْمَحٍ |
غَيْرَ أن كانَتْ –فَلَمْ تَحْيَ- هَباءً!
|
رُبَّ خُسْرِ يَشْتَفي من مَرْبح |
حين يَسْتَشْرِي بِنا الدَّاءُ العُياءْ!
|
* * *
|
حِينَما نُؤثِرُ عن هذا الوُجُودْ |
عَدَماً يَفْرِضُهُ.. العانِي الضَّمِيرْ!
|
حِينما نَرْسُفُ في شَتَّى القُيُودْ |
ونُحِسُّ الرُّعْبَ من هَوْلِ المَصِيرْ!
|
* * *
|
لِمَ هذا؟! إنَّه صَوْتُ النَّذِيرْ |
من ضَمِيرٍ أَثْقَلَتْهُ المِحَنُ..!
|
شاهَدَ العُمْرَ تَرَدىَّ في الحَفِيرْ |
بَعْدما غالَتْ هُداهُ المِنَنُ!
|
* * *
|
مِنَنٌ جاءَتْه مِن عِهْرٍ وَوِزْرِ |
وطَوَتْهُ فاسْتَوى في الدَّرَكِ..!
|
فَجَنى أَرْباحَهُ من دَرْبٍ خُسْرِ |
وَرأَى لَذَّتَهُ في الحَسَكِ..!
|
* * *
|
وانْطَوى العُمْرُ سِنيناً فَسِنينْ |
فإذا الضَّعْفُ يُوافي والمشِيبْ!
|
وإذا القُوَّة تَمْضي.. والحَنِينْ |
وإذا بالحُبِّ يَجْفُو.. والحبِيبْ!
|
* * *
|
وإذا الهَمْسُ. دَوِيٌّ صاخِبٌ |
ورَعُودٌ قاصفاتٌ.. وُبرُوقْ!
|
زَلْزَلَتْ مِنه.. وبُومٌ ناعِبٌ |
بِهَوانٍ لِتَماثِيلِ العُقُوق!
|
* * *
|
كانَ لم يَسْمَعْهُ. لم يَشْعُرْ بِهِ |
فلقد حالَتْ سُدُودٌ عن سماعِهْ!
|
وشبابٌ عارِمٌ مِن صَحْبِهِ |
وغُرُورٌ كانَ يَلْهو بِضَياعِهْ!
|
* * *
|
وصَحا مُرْتَجِفاً يَشْكو الوَنى |
يذْرِفُ الدَّمْعَ. وما يُجْدِيه دَمْعُ!
|
يَتَمنىَّ.. لو أفادَتْهُ المُنَى.. |
بَعْد أَن جَفَّ مِن الشَّقْوَةِ – نَبْعُ!
|
* * *
|
تَوْبَةٌ – لكنَّه ليْسَ بِقادِرْ |
كيف.. والشِّقْوَةُ أَمْسَتْ رَبَّهُ؟!
|
أَوْرَدَتْهُ فاسْتَوى لَيْس بِصادِرْ |
فَهُنا الحُسْنُ الذي يَمْلِكُ صَبَّهْ!
|
* * *
|
فهو البائِسُ يَدْرِي أَنَّهُ |
ضَلَّ والعُقْبى عَذابٌ هاصِرُ!
|
ويَرى فِرْدَوْسَه لكِنَّهُ |
عنه ناءٍ. فهو غِرٌّ سادِرُ!
|
* * *
|
يا رَسِيفاً في قُيُودٍ صَرَفَتْ |
نَفْسَهُ – رَغْمَ أذاها- من جَناهْ!
|
وسَجِيناً.. خُطاهُ انْحرَفَتْ |
عن طَرِيقٍ.. وهو لا َيثْني خُطاهْ!
|
* * *
|
إِضْرَعِ اليَوْمَ لِمَنْ يَهْدِي الخُطا |
فَعَسى أَن يَسْبِقَ الصَّفْحُ الحُتُوفْ!
|
وعَساهُ أَنْ يَرُدَّ الشَّطَطا |
رَشَداً.. كالنُّورِ مِن بَعْدِ الكُسُوفْ! |