كانتْ لي في طفولتي دميةٌ
|
سرقوها قبل أنْ تتعلّمَ النطقَ
|
وتلعبَ معي
|
وكان لي في صباي حقلٌ ذهبيٌّ من سَنَابِل
|
قطعوا عنه ماءَ النهرِ
|
وحبسوا الغيمَ
|
فاستعنتُ بدموعي
|
قالوا لي: لا تبكِ... الرجالُ لا يبكون!
|
فماتتِ السَنَابِلُ
|
وتفتّتتْ حبَّاتُ القمحِ على بياضِ دفاتري
|
قبلَ أنْ تنضجَ
|
فعوّضوني عنها بكتبِ الجغرافيا المدرسيَّةِ
|
وصورِ الحقولِ
|
وعندما كَبِرتُ
|
أصبحتْ لي حبيبةُ بشَعرٍ طويلٍ وشرائط بيضٍ
|
لكنَّهم قصّوا ضَفائِرها قبل أنْ تكتملَ قصيدتي
|
وشنقوا بشرائطها فرحي الصغيرَ
|
وها أنا الآن
|
أُحِسُّ بالغُصَّةِ كلّما مَرَرْتُ
|
أمامَ محلّاتِ الألعابِ
|
والضَفائرِ الطويلةِ
|
وحقولِ القمحِ
|
*
|
كان لي حُلْمٌ صغيرٌ
|
ببيتٍ صغيرٍ، ومكتبةٍ، وشُرفةٍ تظلّلها أوراقُ البرتقالِ والأملُ
|
فالتهمهُ المُؤَجِّرُ الشرهُ
|
ها هو كرشُهُ يزدادُ كلَّ يومٍ...
|
وها هو نحولي يزدادُ كلَّ يومٍ...
|
*
|
كان لي أبٌ
|
سرقهُ سريرُ المستشفى
|
فلمْ أعدْ أتذكَّرُ من ملامحهِ
|
سوى برودِ الطبيباتِ
|
وهنَّ يتحدّثنَ لطفولتي عن رئتيهِ
|
اللتين نخرهما السلُّ والفقْرُ
|
بعد عشرين عاماً
|
أدركتُ لماذا كنَّ يتحدّثنَ ببرودٍ
|
*
|
كان لي رصيفٌ للتسكّعِ
|
وآخر للحبِّ...
|
وآخر للبحثِ عن عملٍ
|
أصبح لي رصيفٌ وحيدٌ، ضيِّقٌ
|
يمتدُّ بي - كلَّ يومٍ - من البيتِ إلى الوظيفةِ
|
*
|
كانتْ لي غيمةٌ ماطرةٌ
|
تسمّى القصيدة
|
عندما لمْ تجدْ أرضاً تؤويها
|
هاجرتْ
|
وتركتني وحيداً
|
على عراءِ النثرِ
|
* * * |