أَقفَرَ مِن أَهلِهِ مَلحوبُ |
فَالقُطَبِيّاتُ فَالذُّنوبُ
|
فَراكِسٌ فَثُعَيلِباتٌ |
فَذاتُ فِرقَينِ فَالقَليبُ
|
فَعَردَةٌ فَقَفا حِبِرٍّ |
لَيسَ بِها مِنهُمُ عَريبُ
|
إِن بُدِّلَت أَهلُها وُحوشاً |
وَغَيَّرَت حالَها الخُطوبُ
|
أَرضٌ تَوارَثَها الجُدودُ |
فَكُلُّ مَن حَلَّها مَحروبُ
|
إِمّا قَتيلاً وَإِمّا هالِكاً |
وَالشَيبُ شَينٌ لِمَن يَشيبُ
|
عَيناكَ دَمعُهُما سَروبُ |
كَأَنَّ شَأنَيهِما شَعيبُ
|
واهِيَةٌ أَو مَعينٌ مُمعِنٌ |
أَو هَضبَةٌ دونَها لُهوبُ
|
أَو فَلَجٌ ما بِبَطنِ وادٍ |
لِلماءِ مِن بَينِهِ سُكوبُ
|
أَو جَدوَلٌ في ظِلالِ نَخلٍ |
لِلماءِ مِن تَحتِهِ قَسيبُ
|
تَصبو وَأَنَّى لَكَ التَّصابِي |
أَنّى وَقَد راعَكَ المَشيبُ
|
إِن تَكُ حالَت وَحُوِّلَ أَهلُها |
فَلا بَديءٌ وَلا عَجيبُ
|
أَو يَكُ أَقفَرَ مِنها جَوُّها |
وَعادَها المَحلُ وَالجُدوبُ
|
فَكُلُّ ذي نِعمَةٍ مَخلوسٌ |
وَكُلُّ ذي أَمَلٍ مَكذوبُ
|
وَكُلُّ ذي إِبِلٍ مَوروثٌ |
وَكُلُّ ذي سَلَبٍ مَسلوبُ
|
وَكُلُّ ذي غَيبَةٍ يَؤوبُ |
وَغائِبُ المَوتِ لا يَؤوبُ
|
أَعاقِرٌ مِثلُ ذاتِ رِحمٍ |
أَم غَانِمٌ مِثلُ مَن يَخيبُ
|
أَفلِحْ بِمَا شِئتَ قَد يُبلَغُ |
بالضَّعفِ وَقَد يُخدَعُ الأَرِيبُ
|
لاَ يَعِظُ النَّاسُ مَن لاَ يَعِظِ |
الدَّهرُ وَلا يَنفَعُ التَلبيبُ
|
إِلّا سَجِيّاتِ ما القُلوبِ |
وَكَم يَصيرَنَّ شانِئاً حَبيبُ
|
سَاعِد بِأَرضٍ تَكُونُ فِيهَا |
وَلا تَقُل إِنَّنِي غَريبُ
|
قَد يوصَلُ النازِحُ النائي وَقَد |
يُقطَعُ ذو السُهمَةِ القَريبُ
|
مَن يَسلِ النَّاسَ يَحرِموهُ |
وَسائِلُ اللهِ لا يَخيبُ
|
وَالمَرءُ مَا عَاشَ فِي تَكذِيبٍ |
طولُ الحَياةِ لَهُ تَعذيبُ
|
بَل رُبَّ ماءٍ وَرَدتُ آجِنٍ |
سَبيلُهُ خائِفٌ جَديبُ
|
ريشُ الحَمامِ عَلى أَرجائِهِ |
لِلقَلبِ مِن خَوفِهِ وَجيبُ
|
قَطَعتُهُ غُدوَةً مُشيحاً |
وَصاحِبي بادِنٌ خَبوبُ
|
عَيرانَةٌ مُؤجَدٌ فَقارُها |
كَأَنَّ حارِكَها كَثيبُ
|
أَخلَفَ ما بازِلاً سَديسُها |
لا حِقَّةٌ هِي وَلا نَيوبُ
|
كَأَنَّها مِن حَميرِ غابٍ |
جَونٌ بِصَفحَتِهِ نُدوبُ
|
أَو شَبَبٌ يَحفِرُ الرُخامى |
تَلُفُّهُ شَمأَلٌ هُبوبُ
|
فَذاكَ عَصرٌ وَقَد أَراني |
تَحمِلُني نَهدَةٌ سُرحوبُ
|
مُضَبَّرٌ خَلقُها تَضبيراً |
يَنشَقُّ عَن وَجهِها السَبيبُ
|
زَيتِيَّةٌ ناعِمٌ عُروقُها |
وَلَيِّنٌ أَسرُها رَطيبُ
|
كَأَنَّها لِقوَةٌ طَلوبُ |
تُخزَنُ في وَكرِها القُلوبُ
|
باتَت عَلى إِرَمٍ عَذوباً |
كَأَنَّها شَيخَةٌ رَقوبُ
|
فَأَصبَحَت في غَداةِ قِرَّةٍ |
يَسقُطُ عَن ريشِها الضَريبُ
|
فَأَبصَرَت ثَعلَباً مِن ساعَةٍ |
وَدونَهُ سَبسَبٌ جَديبُ
|
فَنَفَضَت ريشَها وَاِنتَفَضَت |
وَهيَ مِن نَهضَةٍ قَريبُ
|
يَدِبُّ مِن حِسِّها دَبيباً |
وَالعَينُ حِملاقُها مَقلوبُ
|
فَنَهَضَت نَحوَهُ حَثيثَةً |
وَحَرَدَت حَردَةً تَسيبُ
|
فَاِشتالَ وَاِرتاعَ مِن حَسيسِها |
وَفِعلَهُ يَفعَلُ المَذؤوبُ
|
فَأَدرَكَتهُ فَطَرَّحَتهُ |
وَالصَيدُ مِن تَحتِها مَكروبُ
|
فَجَدَّلَتهُ فَطَرَّحَتهُ |
فَكَدَّحَت وَجهَهُ الجَبوبُ
|
يَضغو وَمِخلَبُها في دَفِّهِ |
لا بُدَّ حَيزومُهُ مَنقوبُ |