لا تقلْ لي ذاك نجمٌ قد خبا |
يا فؤادي كلُّ شيءٍ ذهبا
|
هذه الأنوارُ ما أضيعها |
صِرْن في جنبي جراحاً وظبى
|
*** |
***
|
فإذا حبُّكِ يطغى مُزبداً |
كدفوق السل طُغيان الجنونْ
|
ما على الهجر معينٌُ أبداً |
وعلى النسيان لا شيء يُعينْ
|
ذلك الحب الذي فُزت بهِ |
لا أُبالي فيه ألوان الملامَهْ
|
إنه مزَّق قلبي قسوةً |
وسقاني المرَّ من كاس الندامَهْ
|
*** |
***
|
ذلك الحب الذي صوَّر من |
مُجدِب القفرِ لعينيَّ ربيعا
|
وجلا لي الكونَ في أعماقه |
أعيُناً تبكي دماءً لا دموعا
|
قدرٌ نكَّس مني هامتي |
آذن الدهر ببَينٍ وأِذنتِ
|
لهفَ قلبي لهفة لا تنقضي |
كنت دنياي جميعاً كيف كنتِ؟
|
كنتِ في برجٍ من النور على |
قمة شاهقة تغزو السحابا
|
فَرِحٌ بالنورِ والنارِ معاً |
طار للقمَّةِ محموماً وآبا
|
*** |
***
|
وهو عمرٌ كاملٌ عشتُ به |
كلَّ أعمارِ الورى مجتمعات
|
*** |
***
|
واغنمي نفح الصّبا وانتقلي |
في الصِّبا الممراحِ من غصنٍ لغصن
|
لن يُحبّوكِ كحبي! لن ترَيْ |
ضاحكاً مثلي ولا حزناً كحزني!
|
زعموا أنيَ قد خلّدْتُها |
بأغانيَّ وألحاني العِذاب
|
لم أزل أقرأُ حتى سجدوا |
وجعلتُ الخُلدَ عنوانَ الكتاب
|
يا ابنة الأصدافِ والبحرُ أبي |
قبل أن يُلقي بي الموج هنا
|
إن هجَرْنا القاعَ والليلَ إلى |
قممٍ شُمٍّ وعشنا في السَّنا
|
*** |
***
|
اسألي عن مقلة مخلصة |
خبَّأت رسمكِ في جفن أمينْ
|
بعدما غوَّر نجمي ودليلي |
ما مسيري دون تربٍ وخليلِ؟
|
الغريبان عليها التقيا |
يستعينان على الدربِ الطويلِ
|
*** |
***
|
ما الذي نصنعُ بالعيش إذا |
ما صحا القلبُ غريباً وغفا؟
|
عندما تُقفِرُ دارٌ من رفاقٍ |
وتحسُّ السمَّ في كاسٍ وساقِ
|
عندما تُمسي بظلٍّ عالقاً |
وبخيط الوهمِ مشدودَ الوثاقِ
|
*** |
***
|
أدَّعي أني مقيم وغداً |
ركبي المضني إلى الصحراء سائرْ
|
كذَبَتْ كفٌّ على أطرافها |
رِعشةُ البعدِ وإحساسُ المسافرْ!
|
يا دياراً يومها من سُحُبٍ |
وغيوم وضباب أُفق غدْ
|
ضاع عمرٌ وحصاد وغدا |
من هشيم كل ما كنت أعِدْ!
|
قُم بنا والكون جهم كالدجى |
نتلمَّسْ من جحيمٍ مخرجا
|
لا تُدِرْ رأياً به أضْيَع مَن |
في لظاهُ مستعينٌ بالحِجا
|
*** |
***
|
انهيارُ المثُلِ العليا وإنكارُ |
آلاءٍ وكُفرٌ بالقٍيَمْ
|
*** |
***
|
هذه الأكذوبةُ الكبرى التي |
خُدِعَ الناسُ بها وا أسفاه!
|
نحمدُ اللهَ على أنَّا بها |
لم نصُنْ من ذِلةٍ إلا الجباه
|
عبَثاً أهربُ من نفسي ومن |
ذلك الساكنِ روحي والبدنْ
|
أينما أمضي فحوْلي ذِكَرٌ |
وحبيبٌ ومكانٌ وزمنْ
|
أنا لا أدري متى كان ولا |
أين عند اللهِ أسرارُ اللقاءِ
|
عبقريٌّ مُوحشٌ منفردٌ |
متعالٍ قَلِقُ الأضواءِ ناءِ
|
مخطئٌ من ظَنَّ أنّا مُهجتانِ |
مخطئُ من ظَنَّ أنّا توأمانِ
|
نحنُ نبضٌ واحدُ! نحن دمٌ |
واحدٌ حتى الردى متحدان! |
*** |
***
|
عاصفٌ عاتٍ تمنيت له |
هدأةً أين له ما تطلبينْ
|
اسألي عن مقلة مخلصة |
خبَّأت رسمكِ في جفن أمينْ
|
سهرتْ ترعاك مهما لقيتْ |
في سبيل العهد والودِّ المكينْ
|
أقسمتْ لا تسأل النومَ ولا |
تطلبُ الرحمةَ منه بعض حينْ!
|
بعدما غوَّر نجمي ودليلي |
ما مسيري دون تربٍ وخليلِ؟
|
في طريق الشوكِ والصخرِ وفي |
شُعَب الإرهاقِ والكدِّ الوبيلِ
|
الغريبان عليها التقيا |
يستعينان على الدربِ الطويلِ
|
ما انتفاعي بحياتي بعدما |
ساقكِ التَّيَّارُ في غيرِ سبيلي؟
|
*** |
***
|
يا لجهل اثنين أقدارهما |
آه يا ليتهما قد عَرَفا!
|
ما الذي نصنعُ بالعيش إذا |
ما صحا القلبُ غريباً وغفا؟
|
ما الذي نصنع بالعيش إذا |
ما السبيلان عليه اختلفا؟
|
ما الذي نصنع بالعيش إذا |
صار تذكاراً فأمسى أسفا؟
|
عندما تُقفِرُ دارٌ من رفاقٍ |
وتحسُّ السمَّ في كاسٍ وساقِ
|
عندما يكشِف بؤسٌ وجههُ |
سافِرَ اللعنةِ مفقودَ الخلاقِ
|
عندما تُمسي بظلٍّ عالقاً |
وبخيط الوهمِ مشدودَ الوثاقِ
|
يا فؤادي انظرْ وفكرْ وأفقْ |
أيُّ قيدٍ لكَ بالأحبابِ باقِ؟
|
*** |
***
|
كلُّ جِدٍّ عَبَثٌ والدهرُ ساخرْ |
وخبيءُ السر للعينين ظاهرْ
|
أدَّعي أني مقيم وغداً |
ركبي المضني إلى الصحراء سائرْ
|
عندما صافحتُ خانتني يدي |
ووشى خافٍ من الأشجان سافرْ
|
كذَبَتْ كفٌّ على أطرافها |
رِعشةُ البعدِ وإحساسُ المسافرْ!
|
*** |
***
|
يا دياراً يومها من سُحُبٍ |
وغيوم وضباب أُفق غدْ
|
كل نبت عبقريٍّ أطْلعتْ |
جعلت منه طعاماً للحسَدْ
|
أَخْلَفَ الميثاقُ من كان بها |
كل آمالي فلم يبقَ أحدْ
|
ضاع عمرٌ وحصاد وغدا |
من هشيم كل ما كنت أعِدْ!
|
*** |
***
|
قُم بنا والكون جهم كالدجى |
نتلمَّسْ من جحيمٍ مخرجا
|
وانجُ منه ببقايا رمَقٍ |
أو حطام وقليلٌ مَنْ نجا
|
لا تُدِرْ رأياً به أضْيَع مَن |
في لظاهُ مستعينٌ بالحِجا
|
واسألِ الرحمنَ أن يُصْلحَ عهداً |
كسيحاً وزماناً أعرجا
|
*** |
***
|
عشتُ وامتدَّتْ حياتي لأرى |
في الثرى من كان قبلاً في القممْ
|
انهيارُ المثُلِ العليا وإنكارُ |
آلاءٍ وكُفرٌ بالقٍيَمْ
|
مَن يكنْ عَضَّ بناناً نادماً |
فأنا قطَّعتُ إبهامَ الندَم
|
وإذا انحطَّ زمانٌ لم تجدْ |
عالياً ذا رفعةٍ إلا الألمْ!
|
*** |
***
|
ضِحكةٌ ساخرةٌ هازلةٌ |
وخيالٌ تافهٌ هذي الحياهْ
|
هذه الأكذوبةُ الكبرى التي |
خُدِعَ الناسُ بها وا أسفاه!
|
ذلَّ فيها المالُ والجاهُ إلى |
أن غدا أحقرها مال وجاه
|
نحمدُ اللهَ على أنَّا بها |
لم نصُنْ من ذِلةٍ إلا الجباه
|
*** |
***
|
عبَثاً أهربُ من نفسي ومن |
ذلك الساكنِ روحي والبدنْ
|
من لقلبٍ مستطار اللَّبّ مَن |
كلما عاوده التذكارُ جُنّ
|
أينما أمضي فحوْلي ذِكَرٌ |
وحبيبٌ ومكانٌ وزمنْ
|
وربيعُ دائمُ الخضرةِ في |
روضةِ النفسِ وطيرٌ وفننْ
|
قصةٌ خالدةٌ لا تنتهي |
وهي ما كان لها يومُ ابتداءِ
|
أنا لا أدري متى كان ولا |
أين عند اللهِ أسرارُ اللقاءِ
|
حينما لاحَ شِهابٌ في سمائي |
أسمرُ النورِ رفيعُ الخُيَلاءِ
|
عبقريٌّ مُوحشٌ منفردٌ |
متعالٍ قَلِقُ الأضواءِ ناءِ
|
هو في الأفقِ بعيدٌ وهو دانِ |
هو لي نفسي وروحي وكياني
|
مخطئٌ من ظَنَّ أنّا مُهجتانِ |
مخطئُ من ظَنَّ أنّا توأمانِ
|
هو شطْرُ النّفسِ لا توأمُها |
هو منها هو فيها كل آنِ
|
نحنُ نبضٌ واحدُ! نحن دمٌ |
واحدٌ حتى الردى متحدان! |