تخيرت فاستمسكت بالعروة الوثقى |
فبشراك أن تفنى عداك وأن تبقى |
فما أبطل الرحمن باطل من بغى |
على الحق إلا أن يحق بك الحقا |
وما لاح هذا الملك بدرا لتمه |
بوجهك إلا أن يبير العدى محقا |
وما كنت عند الله أكرم من حبا |
خلافته إلا وأنت له أتقى |
ليجلو عن الدنيا بك الهم والأسى |
ويجمع في سلطانك الغرب والشرقا |
رددت نظام الملك في عقد سلكه |
وما كان إلا صوفة في يدي خرقا |
وأضحكت سن الدهر من بعد مقلة |
مدامعها شوقا إلى الحق ما ترقا |
وقلدت والي العهد سيفا إلى العدى |
فسار كأن الشمس قلدت البرقا |
وسطي سماء قد جعلت نجومها |
صفائح بيض الهند والأسل الزرقا |
بوارق لو لم تخطف الهام في الوغى |
لخرت جسوم من رواعدها صعقا |
كأن الملا منهن أحشاء عاشق |
تبكي دما عيناه من حر ما يلقى |
هوادي في ضنك المكر ولا هدى |
نواطق بالفتح المبين ولا نطقا |
يخبرن عن إلحاح سعيك في العدى |
كأن سطيحا في سناهن أو شقا |
ويجلون عن ليل العجاج كأنما |
تقلب إحداهن ناظرتي زرقا |
وجردا ينازعن الكماة أعنة |
يفرغنها جهدا ويملأنها عنقا |
تكر ورادا من دماء عداتها |
وإن أقدمت شهبا على الطعن أو بلقا |
روائع يوم الروع تعدو سوابحا |
كراما وتمسي في دماء العدى غرقى |
ضمان عليها نفس كل منازع |
ولو حملته الغول أو ركب العنقا |
تبارى إلى الهيجا بأسد خفية |
إذا هال وجه الموت هاموا به عشقا |
وإن فزعوا نحو الصريخ فلا ونى |
وإن وردوا حوض المنايا فلا فرقا |
عبيد مماليك وأملاك بربر |
وكل عظيم الفخر قد حزته رقا |
هم فئة الإسلام إن شهدوا الوغى |
وهم أفق للملك إن نزلوا أفقا |
عممتهم نعمى جزوك بها هوى |
وأوزعتهم حلما جزوك به صدقا |
وأوريتهم زندا ينير لهم هدى |
وأقبلتهم كفا ينير لهم رزقا |
وعزما لنصر الدين والملك منتضى |
ورأيا من التوفيق والسعد مشتقا |
شمائل إنعام شملت به الورى |
وأخلاق إكرام عممت به الخلقا |
فجدك ما أعلى وذكرك ما أبقى |
وراجيك ما أغنى وشانيك ما أشقى |
ويمناك بالإحسان حسب من اعتفى |
وسقياك بالمعروف حسب من استسقى |
وناداك عبد يقتضيك ودائعا |
وإن عظمت خطرا فأنفس به علقا |
به أنست الدنيا أساطير من مضى |
وأتعبت الأيام أقلام من يبقى |
إذا ما شجا الأعداء في قمم الذرى |
شفاها بحظ تحت أقدامها ملقى |
وإن يك مسبوقا فيارب سابق |
بعيد المدى لا يدعي معه سبقا |
وإن له في راحتيك وسائلا |
تناديه من جو السماء ألا ترقى |
فسر في ضمان الله ناصر دولة |
كأن عمود الصبح عن وجهها انشقا |
وحسبك من حلاك تاج خلافة |
رآك لها أهلا فأعطاكها حقا |