تَذَكّرَ هذَا القلبُ منْ شَوْقِهِ ذِكَرَا، |
تَذَكّرَ شَوْقاً لَيْسَ نَاسِيَهُ عَصْرَا |
تَذَكّرَ ظَمْيَاءَ الّتي لَيْسَ نَاسِياً، |
وَإنْ كانَ أدْنَى عَهدِهَا حِججاً عشرَا |
وَمَا مُغْزِلٌ بِالغَوْرِ غَوْرِ تِهَامَةٍ |
تَرَعّى أرَاكاً مِنْ مَخارِمِها نَضْرَا |
مِنَ العُوجِ حَوّاءَ المَدامعِ تَرْعَوِي |
إلى رَشَأٍ طِفْلٍ تَخالُ بهِ فَتْرَا |
أصَابَتْ بِأعلى الوَلْوَلانِ حِبَالَةً، |
فما استَمسكَتْ حتى حسبنَ بها نَفرَا |
بِأحْسَنَ مِنْ ظَمْيَاءَ يَوْمَ لَقيتُها، |
وَلا مُزْنَةٌ رَاحَتْ غَمامَتها قَصْرَا |
وَكَمْ دُونَها مِنْ عاطِفٍ في صرِيمةٍ |
وَأعداءِ قَوْمٍ يَنذُرُونَ دَمي نَذْرَا |
إذا أوْعَدُوني عِنْدَ ظَمْيَاءَ سَاءَهَا |
وَعيدي وَقالَتْ: لا تقولوا لَه هُجْرَا |
دَعاني زِيَادٌ للعَطَاءِ وَلَمْ أكُنْ |
لأقرَبَهُ ما سَاقَ ذُو حَسَبٍ وَفْرَا |
وَعِنْدَ زِيَادٍ لَوْ يُرِيدُ عَطَاءَهُمْ |
رِجَالٌ كَثيرٌ قَدْ يَرَى بهمُ فَقْرَا |
قُعُودٌ لَدى الأبْوَابِ طُلاّبُ حاجَةٍ |
عَوَانٍ مِنَ الحَاجات أوْ حاجةٍ بِكَرا |
فَلَمّا خَشِيتُ أنْ يَكُونَ عَطاؤهُ |
أداهِمَ سُوداً أوْ مُحَدْرَجَةً سُمَرا |
فَزِعْتُ إلى حَرْفٍ أضَرّ بِنَيّهَا |
سُرَى الليلِ وَاستعرَاضُها البلَدَ القَفرَا |
تنفس من بهوٍ من الجوف واسع |
إذا مدَّ حيزوماشراسيفها الضفرا |
تَرَاهَا إذَا صَامَ النّهَارُ كَأنّمَا |
تُسامي فَنيقاً أوْ تُخالِسُهُ خَطْرَا |
تَخوضُ إذا صَاحَ الصّدى بعد هَجعَةٍ |
مِنَ اللّيْلِ مُلتَجّاً غياطِلُهُ خَضرَا |
وَإنْ أعرَضَتْ زَوْرَاءَ أوْ شَمّرَتْ بهَا |
فَلاةٌ تَرَى مِنها مَخارِمَها غُبْرَا |
تَعادَينَ عَنْ صُهْبِ الحَصَى وكأنّما |
طَحَنّ بهِ من كلّ رَضرَاضَةٍ جَمرَا |
عَلى ظَهرِ عَادِيٍّ كَأنّ مُتُونَهُ |
ظُهُورُ لأىً تُضْحي قَياقيُّهُ حْمْرَا |
وكم من عَدُوٍّ كاشْحٍ قَد تجاوَزَتْ |
مَخافَتُه حَتى يكونَ لهَا جَسْرَا |
يَؤمّ بهَا المَوْمَاةَ مَنْ لَنْ تَرَى لَهُ |
إلى ابنِ أبي سُفيَان جاهاً وَلا عُذْرا |
وَحِضْنَينِ مِنْ ظَلْمَاءِ لَيْلٍ سرَيتُهُ |
بأغيَدَ قد كانَ النّعاسُ لَهُ سُكْرَا |
رَمَاهُ الكَرَى في الرّأسِ حتى كأنّهُ |
أمِيمُ جَلامِيدٍ تَرَكْنَ بِهِ وَقْرَا |
جَرَرْنَا وَفَدّيْنَاهُ حَتى كَأنّمَا |
يَرَى بهَوَادي الصّبحِ قَنْبَلَةً شُقرَا |
مِنَ السّيْرِ وَالإسْآدِ حَتى كَأنّما |
سَقَاهُ الكَرَى في كلّ مَنزِلَةٍ خَمرَا |
فَلا تُعْجِلاني صَاحِبَيّ، فَرُبّمَا |
سَبَقْتُ بِوِرْدِ المَاءِ غادِيَةً كُدْرَا |