سَمَا الْمُلْكُ مُخْتَالاً بِمَا أَنْتَ فَاعِلٌ |
و عادتْ بكَ الأيامُ وهيَ أصائلُ |
ربأتَ منَ العلياءِ قنة َ سوددٍ |
يُقَصِّرُ عَنْهَا صَاغِراً مَنْ يُطَاوِلُ |
وَ أدركتَ في عصرِ الشبيبة ِ غاية ً |
منَ الفضلِ لمْ يبلإْ مداها الأفاضلُ |
فَخَيْرُكَ مَأَمُولٌ، وَفَضْلُكَ وَاسِعٌ |
وَظِلُّكَ مَمْدُودٌ، وعَدْلُكَ شَامِلُ |
مساعٍ جلاها الرأيُ ؛ فهي كواكبٌ |
لها بينَ أفلاكِ القلوبِ منازلُ |
يقصرُ قابُ الفكرِ عنها ، وَ ينتهى |
أخو الجدَّ عنْ إدراكها وَ هوَ ذاهلُ |
وَكَيْفَ يَنَالُ الْفَهْمُ مِنْهَا نَصِيبَهُ |
وَأَقْرَبُهَا لِلنَّيِّرَاتِ حَبَائِلُ؟ |
إليكَ تناهى المجدُ ، حتى لوانهُ |
أرادَ مزيداً لمْ يجدْ ما يحاولُ |
فَمُرْ بِالَّذِي تَهْوَاهُ؛ فَالسَّعْدُ قَائِمٌ |
بما تشتهي ، واللهُ بالنصرِ كافلُ |
فَقَدْ تَصْدُقُ الآمَالُ وَالْحَزْمُ رائِدٌ |
وَ تقتربُ الغاياتُ وَ النجدُّ عاملُ |
وَأَيُّ صَنِيعٍ بَعْدَ فَضْلِكَ يُرْتَجَى |
وَأَنْتَ مَلِيكٌ فِي الْبَرِيَّة ِ عَادِلُ؟ |
يَعُمُّ الرِّضَا مَا قَامَ بِالْحَقِّ صَادِعٌ |
وَتَبْقَى الْعُلاَ مَا دَامَ لِلسَّيْفِ حَامِلُ |
فيا طالباً مسعاتهُ ؛ لينالها |
رويدكَ ؛ إنَّ الحرصَ للنفسِ خاذلُ |
فَمَا كُلُّ مَنْ رَاضَ الْبَدِيهَة َ عَاقِلٌ |
وَلاَ كُلُّ مَنْ خَاضَ الْكَرِيهَة َ بَاسِلُ |
وَ لولا اختلافُ الناسِ في درجاتهمْ |
لعادلَ " قسا " في الفصاحة ِ " باقلُ " |
هُوَ الْمَلِكُ الْمَكْفُولُ بِالنَّصْرِ جُنْدُهُ |
إِذَا احْمَرَّ بَأْسٌ، أَوْ تَنَمَّرَ بَاطِلُ |
لهُ بدهاتٌ لا تغبُّ ، وعزمة ٌ |
مؤيدة ٌ ، تعنو إليها الجحافلُ |
فآرأوهُ في المشكلاتِ كواكبٌ |
وَهِمَّاتُهُ فِي الْمُعْضِلاَتِ مَنَاصِلُ |
تَدُلُّ مَسَاعِيهِ عَلَى فَضْلِ نَفْسِهِ |
و للشمسِ منْ نورٍ عليها دلائلُ |
فَيَا مَلِكاً عَمَّتْ أَيَادِيهِ، وَالْتَقَتْ |
بِهِ فِرَقُ الآمَالِ وَهْيَ جَوَافِلُ |
بكَ اخضرتِ الآمالُ بعدَ ذبولها |
وَ حقتْ وعودُ الظنَّ وَ هيَ مخايلُ |
بسطتَ يدً بالخيرِ فينا كريمة ً |
هيَ الغيثُ ، أوْ في الغيثِ منها شمائلُ |
وَ أيقظتَ ألبابَ الرجالِ ؛ فسارعوا |
إلى الجدَّ ؛ حتى ليسَ في الناسِ خاملُ |
وَ ما " مصرُ " إلاّ جنة ٌ ، بكَ أصبحتْ |
مُنَوِّرَة ً أَفْنَانُهَا وَالْخَمَائِلُ |
طلعتَ عليها طلعة َ البدرِ ، أشرقتْ |
بلألائهِ الآفاقُ وَ الليلُ لائلُ |
وَأَجْرَيْتَ مَاءَ الْعَدْلِ فِيهَا؛ فَأَصْبَحَتْ |
وَسَاحَاتُهَا لِلْوَارِدِينَ مَنَاهِلُ |
وَ لمْ يأتِ منْ أوطانهِ " النيلُ " سائحاً |
إِلَى «مِصْرَ» إِلاَّ وَهْوَ حَرَّانُ سَائِلُ |
فَيَأَيُّهَا الصَّادِي إِلَى الْعَدْلَ وَالنَّدَى |
هلمَّ ؛ فذا بحرٌ لهُ البحرُ ساحلُ |
مليكٌ أقرَّ الأمنَ وَ الخوفُ شاملٌ |
و أحيا رميمَ العدلِ وَ الجورُ قاتلُ |
فَسَلْهُ الرِّضَا، وَانْزِلْ بِسَاحَة ِ مُلْكِهِ |
فثمَّ الأماني ، والعلا ، والفواضلُ |
رَعَى اللَّهُ يَوْماً قَرَّبَتْنِي سُعُودُهُ |
إلى سدة ٍ تأوى إليها الأماثلُ |
لثمتُ بها كفا ، هيَ البحرُ في الندى |
تَفِيضُ سَمَاحاً، وَالْبَنَانُ جَدَاوِلُ |
نَطَقْتُ بِفَضْلٍ مِنْكَ، لَوْلاَهُ لَمْ يَدُرْ |
لِسَانِي، وَلَمْ يَحْفِلْ بِقَوْلِيَ فَاضِلُ |
وَ لا أدعي أني بلغتُ بمدحتي |
عُلاَكَ؛ وَلَكِنْ جُهْدُ مَا أَنَا قَائِلُ |
وَ كيفَ أوفى منطقَ الشكرِ حقهُ |
وَدُونَ ثَنَائِي مِنْ عُلاَكَ مَرَاحِلُ؟ |
وَ حسبيَ عذراً أنكَ الشمسُ رفعة ً |
وَكَيْفَ يَنَالُ الْكَوْكَبَ الْمُتَنَاوِلُ؟ |
لِتَهْنَ بِكَ الدُّنْيَا؛ فَأَنْتَ جَمَالُهَا |
فلولاكَ أمسى جيدها وَ هوَ عاطلُ |
وَ دمْ للعلا ما ذرَّ بالأفقِ شارقٌ |
وَمَا حَنَّ مِنْ شَوْقٍ عَلَى الأَيْكِ هادِلُ |
وَ لاَ زالتِ الأيامُ تتلو مدائحي |
عليكَ ، ويمليها الضحى وَ الأصائلُ |