رحبْ بضيفِ الأنسِ قد أقبلا |
واجلُ دجى الهمِّ بشمس العقار |
و لا تسلْ دهرك عما جناهْ |
فما لَيالي العُمرِ إلاّ قصار |
عندي لأحداُ الليالي رحيقْ |
تردُّ في الشيخ ارتياحَ الشبابْ |
كأنما في الكاسِ منها حريقْ |
و في يدِ الشاربِ منها خضابْ |
و حقها ما هيَ إلاّ عقيقْ |
أجريتُ أنفاسيَ فيهِ فذابْ |
فاجنِ المنى بينَ الطلى والطلا |
واقدحْ على الأقداح منها شرار |
وقُلْ لناهٍ ضلَّ عَنْهُ نُهاهْ |
كَفى الصِّبا عُذراً لخلعِ العِذار |
ولَيْلة ٍ مسودَّة ِ المفرِقِ |
مَدَّتْ على وجهِ الضُّحى أَطنبه |
واللّيْلُ هادي السربِ لا يتَّقي |
والصبحُ قَدْ نامَ فَلمّا انتبه |
أرسل بالفجرِ إلى المشرقِ |
فارْتَفَعَتْ رايتُهُ المذهَبه |
وانتَبَهَتْ للشُّهبِ تلكَ الحلى |
و فاضَ في الأفاقِ نهرُ النهار |
مثلَ أبي العيش تجلى سناهْ |
في مظلمِ الخطبِ فجلى الغمار |
يا مشرفاً يرجى كما يتقى |
يا مُنقِذ الغرقى وآسي الجراحْ |
أحللتَ من قلبكَ حُبَّ البَقا |
منزلة َ المالِ بأيدي الشحاحْ |
والشكرُ أضحى حُسنُهُ مورقا |
لما سقاهُ منك ماءُ السماحْ |
كَمْ مِعصمٍ للمجدِ قَدْ عُطِّلا |
فصغتَ من حمدكَ فيهِ سوار |
و كمْ ثناءٍ قدْ توانتْ خطاهْ |
كسوتهُ ريشَ الأيادي فطار |
فجِّرْ على الطرسِ صحيحاً عليلْ |
مؤلّفاً بَيْنَ الدُّجَى والسّنا |
كالصخرة ِ الصماءِ لكنْ يسيلْ |
ريقاً كريق النَّحلِ عذب الجنى |
عجبتُ منهُ من قصيرٍ طويلْ |
وذي ذبولٍ مثمرٍ بالمُنى |
هامَ صغيراً في طلابِ العلا |
حتى علتهُ رقة ٌ واصفرار |
وإنّما الرقَّة ُ أسنى حلاهْ |
لَيْس الضنى عيباً لبِيض الشِّفار |
ما الدهرُ في التحقيقِ إلا هجيرْ |
و أنتَ ظلٌّ منهث للائذينْ |
ما زلتَ في المجدِ قليلَ النظيرْ |
مكثّرَ العافِينَ والحاسِدينْ |
فاحبسْ على الجودِ لواءَ الأميرْ |
سيفاً وخذْ رايته باليمينْ |
دمْ لمنِ استرشدَ أو أقللا |
أعْذَبَ مَوْرُودٍ وأهْدَى مَنار |
و لا يزلْ مجدكَ تفري ظباه |
وجُرْحُها عِنْدَ اللّيالي جُبار |